وفقًا للمعطيات المتاحة، بلغ إجمالي الموارد المائية في البلاد حاليًا حوالي 6230,5 مليون متر مكعب، ما يعكس زيادة بنسبة تقارب 45,5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2024. هذه الزيادة تعادل حوالي 1948,5 مليون متر مكعب، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الوضع المائي، وهي نتيجة تساقطات مطرية أكثر وفرة هذا العام مقارنة مع العام الماضي.
من المهم ملاحظة أن هذا التحسن لم يأتِ في سياق طبيعي بحت، بل كان مدفوعًا بالظروف المناخية الأخيرة التي أدت إلى تدفقات مائية إضافية في السدود. ففي فبراير 2025، تم تسجيل تدفقات مائية وصلت إلى 18 مليون متر مكعب، مما رفع نسبة امتلاء السدود إلى 27,7% مقارنة بـ23,12% في نفس الفترة من العام السابق. ويعتبر هذا الارتفاع مؤشرًا إيجابيًا، إلا أنه لا يجب أن يغفلنا التحديات الطويلة الأمد التي قد تؤثر في استدامة هذه الموارد.
على الرغم من هذه الزيادة المبدئية، فإن الوضع المائي في المغرب لا يزال هشًا. فالمملكة تعتبر من بين الدول التي تعاني من إجهاد مائي شديد، حيث يتجاوز استهلاكها السنوي للمياه 50% من موارده المتجددة. وهذا يشير إلى أن المغرب يعتمد بشكل كبير على مصادر المياه المتجددة التي يمكن أن تتأثر بسهولة بتقلبات الطقس والمناخ، مما يزيد من صعوبة ضمان استدامة هذه الموارد على المدى الطويل.
إن استدامة الموارد المائية في المغرب تتطلب تبني استراتيجيات مبتكرة ومتكاملة. من بين هذه الاستراتيجيات، يأتي تحسين تقنيات الري باعتباره أحد الحلول الأساسية لتقليص هدر المياه في القطاع الزراعي، الذي يعتبر من أكبر مستهلكي المياه في البلاد. إلى جانب ذلك، لا بد من التركيز على تعزيز مشاريع تحلية المياه التي تمثل بديلاً حيويًا للمصادر التقليدية. وقد شهدت هذه المشاريع تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لكن التحدي يكمن في ضمان تمويل واستدامة هذه المبادرات.
فضلاً عن ذلك، يمكن أن تكون إعادة استخدام المياه المعالجة أداة فعّالة في مواجهة الإجهاد المائي. حيث يمكن استغلال المياه العادمة المعالجة في ري الأراضي الزراعية أو في الأنشطة الصناعية، مما يساهم في تقليص الطلب على المياه العذبة. من هنا، فإن تطوير البنية التحتية لهذه التقنيات سيكون خطوة حيوية نحو تحقيق توازن بين الطلب والعرض في المستقبل.
ورغم التحسن في الوضع المائي الحالي، يبقى المغرب بحاجة إلى استراتيجيات مستدامة ومدروسة لضمان توفير المياه للأجيال القادمة. إن نجاح هذه الاستراتيجيات يتطلب التعاون بين مختلف القطاعات المعنية، فضلاً عن تبني سياسات حكومية فعّالة تسهم في تعزيز الوعي العام حول أهمية الحفاظ على الموارد المائية، التي تعد أساسًا حيويًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.