الحدث بريس:يحي خرباش.
سيظل تا ريخ18 ماي من سنة2005 شاهدا على اعطاء الانطلاقة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على يد الملك محمد السادس كأكبر ورش تنموي ،وضع الانسان في قلب التنمية بالمغرب ،وقد تميزت المرحلة الاولى الممتدة من 2005 الى2010 بالنهوض بالأنشطة المدرة للدخل ومحاربة الفقر في الوسط القروي، اضافة الى البرنامج الافقي الذي هم الجماعات القروية والحضرية باستثمار اجمالي ساهمت فيه المبادرة ب 8.4 مليار درهم، ورغم النتائج المحصل عليها فقد اطلق الملك محمد السادس المرحلة الثانية من المبادرة من2011الى2017 بغلاف مالي قدر ب17مليار درهما ،خصصت لدعم البنيات التحتية والخدمات الاساسية .
وزير الداخلية وفي عرضه للتقرير الذي قدمه بيدي الملك محمد السادس عرض حصيلة كل من المرحلة الاولى والثانية قبل ان يقدم الخطوط العريضة للمرحلة الثالثة من المبادرة من خلال مجموعة من الاجراءات كان قد اعلنها الملك في خطاب العرش وخطاب 20 غشت المتمثلة في محاربة الهدر المدرسي، خلق مناصب شغل للشباب واعطاء الاولوية للعالم القروي ،وتبقى اهداف المرحلتين دون الطموحات المتضمنة في تقرير الخمسينية كما ان التقارير التي رصدتها المؤسسات الدولية المهتمة بالتنمية البشرية ، جعلت مما يثير الشكوك حول اهداف ونتائج المبادرة ،بل وصل الامر الى عدم رضى الملك عن هذه النتائج معلنا عنها بصراحة في خطاب العرش قائلا انها اي النتائج لا تشرف وتبقى دون طموح المغرب .
ان الاعلان عن المرحلة الثالثة من المبادرة الممتدة من 2019 الى 2023بغلاف مالي يقدر ب 18 مليار درهم يتزامن مع صدور التقرير السنوي الذي صنف المغرب في المرتبة 123عالميا من اصل 188 دولة خلف العديد من الدول التي تشهد اوضاعا غير مستقرة ، كما رصد تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لعام -2015-2016 استمرار الفوارق بين الوسط الحضري والقروي في الولوج الى التعليم والصحة وعدم بلوغ برنامج التامين الاجباري عن المرض اهدافه وغياب حوار جاد ومسؤول لا زال المغاربة ينتظرون مخرجاته الى حدود الساعة ، مما يؤكد فشل النموذج التنموي الذي اعلن عنه عاهل البلاد ،ويتساءل العديد من المهتمين عن سبب احتلال المغرب لهذه المرتبة رغم انه يحض بثروات طبيعية هائلة ،ففريق يعزو هذا التصنيف الى عوامل بنيوية وهيكلية تعيشها الادارة المغربية بعجزها عن وضع تصور واضح لإصلاح الادارة ،واخر يرجع اسباب هذا التصنيف الى :
– الفساد المالي والاداري بحيث تشكل الطبيعة الارتجالية لبعض المشاريع فرصة لنهب المال العام رغم رصد المجلس الاعلى للحسابات تقارير في هذا الشأن.
-تسييس البرامج التنموية وجعلها اداة في خدمة اجندات سياسية وانتخابية حزبية.
-غياب تشخيص دقيق لما يمكن ان تتطلبه المرحلة من برامج تنموية.
الانعكاسات السلبية للسياسة اللبرالية المتوحشة على ميزانية الدولة التي لا تتماشى مع التنمية والمتمتلة في استمرار الخوصصة لسد المديونية.
استمرار النهب السافر للمال العام والاستمرار في نهج سياسة الافلات من العقاب بخصوص الجرائم الاقتصادية طبقا لسياسة عفا الله عما سلف.
ليست هي اذن المرة الاولى التي ينتقد فيها الملك واقع البلاد فقد سبق ان تساءل اين هي الثروة وسبق ان وجه انتقادات لاذعة وقوية للأحزاب السياسية والادارة مما يجعل المؤسسة الملكية تتفق بشكل كبير مع اراء فئات عريضة من الشارع المغربي، ويتفاعل مع تقارير منظمات دولية ومحلية كشفت عن اختلالات يعرفها المغرب، واذا كانت المرحلة قد تمكنت من وقف النزيف وانقاد المغرب من كارثة اجتماعية كبرى فان الحكومة المغربية ملزمة بالتفكير جديا في مواجهة التحديات الحقيقية للتنمية البشرية واعادة هيكلة شاملة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال التنمية البشرية لتحقيق رغبة الملك والمغاربة، عسى ان تتمكن المرحلة الثالثة من تجاوز كل العيوب ومواصلة محاربة الفقر وتدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية وتحسين الخدمات الاجتماعية وصون كرامة المواطن.