الحدث بريس: متابعة
الرياضة بكل أشكالها هي عبارة عن موهبة تولد مع صاحبها، ولا يمكن أن يبدع شخص ما في هذا المجال إذا لم تتوفر لديه الموهبة. لكن هذه الموهبة بحاجة لاكتشافها في وقت مبكر ومن ثم توجيهها ورعايتها حتى يصبح صاحبها لاعبًا محترفًا. والبحرين – على الرغم من صغر مساحتها – تملك الكثير من المواهب الوطنية الذين يملكون المهارات الرياضية التي تنتظر من يصقلها ويضعها في قالب العالمية بأقل كثيرًا مما يصرف في التعاقد مع اللاعب الأجنبي من مرتب وبدل سكن وعلاج ومكافئة فوز… الخ.
وهذا ما يدفع للتساؤل إن كانت المواهب الرياضية الوطنية متوفرة في مجتمعنا في شتى الألعاب – حسب ما أثبتته رياضات كرة اليد وكرة الطائرة وحتى كرة القدم – فقط في حاجة إلى اكتشاف وتشجيع وصقل وتدريب فلماذا لازالت هناك بعض القناعات المترسخة عند البعض على عدم الاهتمام بها والاصرار على الاستعانة بالمواهب الخارجية.
نعم نحن نعاني من أزمة في بعض الرياضات وفي بعض مراكز اللعب لبعض الألعاب ولكن قبل التفكير في استقطاب المواهب الخارجية لابد من وضع العديد من الحلول التي تدعم مسيرة مواهبنا الوطنية على المدى البعيد. في البحرين هنالك شباب لديهم مواهب رياضية، يتلمسونها بأنفسهم أو ربما يكون هنالك من يلفت انتباههم إليها، فيبدؤون مشوارهم الرياضي كممارسة ذاتية. من هؤلاء الشباب من بحاجة إلى جهة متخصصة – سواء المدارس أو الأندية أو البرامج أو حتى الشركات – في اكتشاف مواهبهم وتوجيهها وتحويلها إلى رياضة احترافية.
نحن بحاجة إلى مشروع وطني متكامل لاكتشاف المواهب الرياضية، وإعداد منظومة عمل لرعايتها، تبدأ بالتعرف على هذه المواهب من المراحل الدراسية ثم احتضانها وتنميتها واستخدامها بالشكل الأمثل، وجعلها داعما للرياضة الوطنية بالتعاون مع الأندية والاتحادات وبيوت الخبرة العلمية، ممثلة في كلية العلوم الرياضية والصحية بجامعة البحرين لإنجاح المشروع، ووضع استراتيجية لانتقاء واكتشاف المواهب في كافة مدن وقري البحرين واختيار مدربين وتأهيلهم علميا وصقلهم فنيا بأحدث الخبرات التدريبية، ووضع برامج تدريبية وفنية ونفسية لتأهيل الناشئين.
ويتم التخطيط للمشروع من خلال لجنة فنية تضم خبرات في المجال الرياضي بالتنسيق مع المشرفين الفنيين لكل لعبة، ويتم انتقاء الموهوبين في تلك الألعاب من خلال بطارية تضم مجموعة من الاختبارات والقياسات البدنية والفنية، يتم من خلالها تقييم مستوى المتقدمين لألعاب الرياضية، وتتم عملية الإحلال والتجديد للاعبي بعد كل اختبار وذلك وفقا لتقييم مستوى أداء اللاعبين من خلال مدربي المشروع والمشرفين الفنين لكل لعبة.
وهذا ما تفعله معظم الدول مثل البرازيل والمكسيك فلديهم خبراء في معرفة اللاعب منذ نعومة أظافره وهم يطوفون في الأحياء الشعبية للتعرف على اللاعبين الذين لديهم المهارات المطلوبة في اللاعب المحترف ثم يستقطبونهم ويدربونهم ومن ثم يستفيدون منهم في النوادي المحلية والعالمية. وهذا هو المطلوب الآن في مملكتنا فبدلا من مئات الآلاف التي تصرف على المواهب الخارجية بحيث تصرف تلك المبالغ على اللاعبين الوطنيين الذين لديهم الموهبة المطلوبة والتركيز عليهم لينالوا التدريب المناسب ليصبحوا لاعبين دوليين فيما بعد تفتخر بهم المملكة.
خاتمة الرؤى، يجب على القائمين على مؤسساتنا وهيئاتنا وأنديتنا واتحاداتنا الرياضية أن يتبنوا المواهب الرياضية الوطنية بشكل مباشر، وأن تكون خططهم قائمة ومبنية على مواهبنا الوطنية، فبناء المنظومة الرياضية يأتي عبر مواهبنا الوطنية. إزاء هذا الواقع أستطيع القول بأن أزمة بعض الألعاب الرياضية ليست في العنصر البشري، وإنما في اكتشاف المواهب الرياضية وصقلها وإبرازها، وهو الذي لامس قصوره في بعض الرياضات وبعض مراكز الألعاب.
حياة تستمر.. ورؤى لا تغيب