الحدث بريس ـ صحف
قالت صحيفة “ال اسبانيول” أن الرباط ألغت الاجتماع رفيع المستوى الذي كان مقررا بين المغرب واسبانيا، لإجبار هذه الأخيرة على إعادة النظر في موقفها بشأن السيادة المغربية على الصحراء، والتي توشك الدول الأخرى على الاعتراف بها، ومن أجل إنهاء التذبذب في علاقة المملكتين.
وأضافت الصحيفة في مقال تحليلي مطول، أن بريطانيا على وشك إعلان موقف مماثل، لتحذو حذو الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعلنت رسميا عن اعترافها بمغربية الصحراء، وركزت الصحيفة على الجانب التجاري والاقتصادي الذي يجمع بريطانيا بالمغرب. حيث قالت أن المغرب يعول على المملكة المتحدة لتكون القوة العالمية العظمى التالية التي تفتح قنصلية في الصحراء المغربية، المنطقة التي تعرف تواجد شركات بريطانية ومصالح مشتركة للبلدين.
وذكر ذات المقال بالاتفاقية التي وقعها المغرب مع بريطانيا ، بشكل منفصل بعد قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي، تتضمن مجموعة من البنود المتعلقة بالصحراء المغربية، وعلى أساسها ستصبح بريطانيا سوقا لكل الصادرات المغربية القادمة من أقاليمه الجنوبية، بما في ذلك الصيد البحري والزراعة والفوسفاط (حيث يعتبر المغرب أول منتج عالمي)، ولكن النقطة الأهم في الاتفاق هي أنه يعتبر المغرب من شماله إلى جنوبه بلدا واحدا تسري عليه كل بنود الاتفاق. وقالت “ال اسبانيول” أن السفير البريطاني السابق بالرباط توماس رايلي أكد لها أن “المنتوجات الفلاحية والبحرية مدرجة في اتفاقية التجارة مع المغرب”.
وأضاف ذات المصدر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيليه مباشرة إبرام اتفاقيات عسكرية وأمنية في الصحراء المغربية.
وبخصوص موقف بريطانيا من القرار الأمريكي، قالت الصحيفة أن الوزير البريطاني السابق “ديريك كونواي” وهو السياسي البارز، وصف مرسوم ترامب بأنه “مفيد للغاية” و “مشجع للغاية”، وأضاف أنه”لا يعكس فقط شرعية السيادة المغربية على الصحراء ، بل يعترف أيضًا بالتقدم الاقتصادي. التي تشهدها المنطقة بفضل الجهود التي تبذلها المملكة المغربية ”.
وأشارت الصحيفة كذلك، إلى أن اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء إذا تم، سيشجع العديد من البلدان على اتخاذ نفس القرار، وهو ما يسعى المغرب لتحقيقه.
فرنسا واسبانيا
تطرق المقال التحليلي كذلك ، إلى أن المغرب لازال يفتقد لدعم واضح وصريح لمقترح الحكم الذاتي للصحراء، من قبل بلدين حليفين تجاريين كبيرين، هما إسبانيا وفرنسا، لأن كلا البلدين يلتزمان بمواقف الاتحاد الأوروبي، الذي يلتزم بدوره بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
لكن في الواقع ، فكبار رجال الأعمال الفرنسيين والشركات الفرنسية متعددة الجنسيات التي تشتغل في السوق المغربي تمارس ضغوطات كبيرة على باريس، لاتخاذ قرار واضح كالقرار الأمريكي حتى يتمكنوا من دخول سوق الأقاليم الجنوبية للمغربية بشكل أكبر، لمواصلة النمو التجاري على ساحل المحيط الأطلسي. كما أن الدليل على ذلك هو موقف الخارجية الفرنسية بعد قرار ترامب، حيث أكدت بشكل واضح أن فرنسا “تعتبر خطة الحكم الذاتي المغربية أساسًا جادًا وموثوقًا للتفاوض”.
أما بالنسبة لإسبانيا ، فلقد تم إلغاء الاجتماع الثاني عشر رفيع المستوى في آخر لحظة، والذي كان مقررا عقده في 17 دجنبر في الرباط ، وأجل إلى غاية فبراير 2021 بسبب الوضع الوبائي الذي تسببت فيه جائحة كورونا، كما جاء في بيان مشترك للبلدين، كما أن الديوان الملكي لم يتفاعل مع الأمر بالشكل المعتاد، وترك الأمر لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي فضل الإشارة لإلغاء الاجتماع عبر تويتر فقط، بل إن الملك محمد السادس لم يكن ينوي استقبال الوزير الأول الاسباني، بيدرو سانشيز، بسبب “عذرين” محتملين : جائحة كوفيد أو الأجندة الملكية، كما أشارت “ال اسبانيول” للأمر في مقال سابق.
والمثير تضيف الصحيفة، هو أن عذر كوفيد، يطرح تساؤلات لأن الحالات لم تتغير، منذ تم تحديد تاريخ الاجتماع الملغى، إضافة إلى أن المغرب بدأ فعليا حملة للتلقيح ضد كورونا بل حتى توقيت إخبار اسبانيا بالتأجيل، كان على الساعة الخامسة والنصف مساء، أي قبل اعلان ترامب والمغرب عن القرار التاريخي، بسويعات قليلة، على الساعة التاسعة، وهو ما فهم لدى الحكومة الاسبانية، أن المغرب يناور ويضغط، بل وهناك تخوفات حقيقة بالعاصمة مدريد، من تأجيل أخر للقمة المغربية الاسبانية من طرف الرباط مرة أخرى، بقصد الضغط على اسبانيا التي ستتابع مواقف بريطانيا ودول أخرى، وستكون مضطرة لاختيار جانب واضح.
واستبعدت الصحيفة أن يكون سبب تأجيل القمة راجع لمرض الملك محمد السادس، فمصادرها أكدت أنه أمضى الليلة في مكالمات هاتفية جمعته مع عدد من زعماء ورؤساء الدول عبر العالم. وأنه في تلك الليلة الطويلة من يوم الجمعة كان برفقة ثلاثة من مستشاريه الرئيسيين: ياسين المنصوري ،الذي وصل توّا من آسيا حيث وقّع المزيد من الاتفاقيات بشأن الاعتراف بالصحراء هناك، وفؤاد علي همة ، وأندريه أزولاي ، الذين كانا في الأشهر الأخيرة على خط مفاوضات الرباط-تل أبيب.
أما بخصوص اتصالات القصر بالرئيس المنتخب حديثًا للولايات المتحدة ، جو بايدن، فقد تكلف الأمير مولاي هشام بالأمر، بموافقة من ابن عمه الملك. وأكدت الصحيفة أن الأمير هشام، قد حسّن مؤخرا علاقاته بالعائلة الملكية بعد منفى اختياري بالولايات المتحدة.
ونوهت الصحيفة بالعمل الدبلوماسي الضخم والكبير الذي يقوده الملك محمد السادس، وفريقه الدبلوماسي بقيادة ناصر بوريطة وزير الخارجية، جعل وحدة المغرب الترابية هدفا رئيسيا، ولأجل ذلك اشتغل الملك على عدة واجهات، من بينها العودة للاتحاد الإفريقي، وتحسين وتجويد العلاقات الجنوب-جنوب، بدأها بجولة في القارة الإفريقية، مصحوبا بمجموعة من رجال الأعمال الذين وقعوا اتفاقيات تعاون واستثمارات تجارية واقتصادية ضخمة في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى المشاريع الاجتماعية والتنموية المختلفة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان، وهو ما بدأت الرباط تجني ثماره وينعكس الآن في الدعم القاري والإقليمي الذي يحظى به المغرب في قضية الصحراء.
فحاليا، تضيف “ال اسبانيول” هناك عدد من البلدان الإفريقية وغيرها، افتتحت تمثيليات وقنصليات بالصحراء المغربية، ووافقت دول عديدة أخرى على الاستقرار في المدن الرئيسية، العيون والداخلة. وانضمت الآن الولايات المتحدة وإسرائيل.
والقادم حسب “ال سبانيول” سيكون عدة دول آسيوية ، حيث أمضى المستشار الملكي ياسين المنصوري ، وهو أيضًا رئيس المديرية العامة للدراسات والتوثيق (DGED) ، وكالة المخابرات المغربية الخارجية والعسكرية ، عدة أشهر من العمل الجاد هناك.
وفي إشارة لقوة ما قام به المغرب، أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تسعيان للسيطرة على المضيق، وبذلك يكون المغرب قد اكتسب حليفين كبيرين لإنهاء مشكل الصحراء بشكل نهائي، وهو التحدي الحقيقي والرئيس الآن في المملكة المغربية.