تَوَقَّفَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال اجتماعِهِ، أمس الثلاثاء 22 فبراير الجاري، عند الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الدقيقة التي تشهدها بلادنا، بارتباطٍ مع ارتفاع الأسعار، وخاصة منها أسعار المحروقات والمواد الغذائية، ومع حالة الجفاف بانعكاساته الوخيمة وتأثيراته السلبية على الحياة اليومية لعموم المواطنات والمواطنين.
وإذا كانت هذه الأوضاع مرتبطة بأسباب موضوعية تعود إلى انعكاسات الجائحة على الصعيد العالمي، وإلى ظروف مناخية استثنائية، فإن ذلك لا يُــعفي الحكومة من تَحَمُّلَ مسؤوليتها في إيجاد الحلول الممكنة والضرورية، واتخاذ تدابير ناجعة للتخفيف من معاناة المواطنات والمواطنين وحماية مصادر دخلهم وقدرتهم الشرائية ومستواهم المعيشي، وذلك في سياق المبادرة المَلكية المُوجَّهة إلى المجال القروي والقطاع الفلاحي.
وفي الصدد ذاته، ثَـمَّـنَ المكتبُ السياسي الإشراف المَلَــكِي السامي على بلورة البرنامج الاستثنائي الحكومي المُوَجَّـه لدعم القطاع الفلاحي والمجال القروي المُــتأثريْنِ سلباً بالجفاف، وذلك بكلفة مالية قدرها عشرة ملايير درهماً.
وأكد حزبُ التقدم والاشتراكية على ضرورة أنْ تحرص الحكومةُ والسلطاتُ على البلورة الجيدة لهذا البرنامج، من خلال إعمال مقاربةٍ شفافة وعادلة في توزيع الدعم، والتركيز، أساساً وبالأولوية، على الفئات المُستضعفة والفلاحين الصغار، وعلى المجالات الأكثر تضرراً، وتفادي كل تلاعُبٍ أو تحريف لمقاصد هذا البرنامج.
وعلى صعيد أخر، تطرق المكتبُ السياسي إلى أزمة الخصاص المائي ببلادنا، وإلى ما يمكن أن تعرفه من تفاقمٍ في المستقبل بارتباط مع انعكاسات التغيرات المناخية. وجَدَّدَ التأكيد على أنَّ قضية الماء تكتسي طابعاً استراتيجيا وحيويا ولا تحتمل مزيدًا من التأخير في المعالجة. كما أنها قضية تستدعي، بالإضافة إلى الإجراءات الاستعجالية الضرورية، الاستثمار في قرارات ومشاريع هيكلية، لأجل ضمان الأمن المائي الوطني، بِمَا يُؤَمِّنُ بلادَنا ضد كُــلِّ الظروف المناخية الاستثنائية والطارئة.
كما تناول المكتبُ السياسي مسألة الارتفاع المُطَّرِد لِــكُــلْفَةِ المعيشة، بسبب غلاء الأسعار، وفي مقدمتها أثمنة المحروقات ذات الانعكاس المباشر على مُعظم أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات الأساسية.
وبهذا الصدد، يعتبر حزبُ التقدم والاشتراكية أنَّ هناك ضرورةً مُلِحَّة لكي تتخذ الحكومةُ إجراءاتٍ إضافية ناجعة تشمل كُلَّ المجالات والقطاعات والمواد والخدمات التي يَطالُــها الغلاءُ الصارخ.
وفي هذا الإطار، يؤكد حزب التقدم والاشتراكية أنه أضحى من الضروري والمستعجل التَّوَجُّهُ، بجرأة وشجاعة، إلى قطاع المحروقات، من أجل وقف الارتفاع الصاروخي للأسعار، واتخاذ ما يلزم من قراراتٍ للحد من هوامش الربح المضاعفة والخيالية التي تُراكِمُها الشركاتُ المشتغلة في هذا القطاع دون أيِّ اعتبارٍ للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين ولا للاحتقان الاجتماعي الذي يُمكن أن يُفضي إليه ذلك.
وفي ذات السياق، نبه حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومةَ إلى أنه، من أجل تفادي تفاقم الأوضاع بسبب غلاء الأسعار، يتعين التدخل الفعال، عبر كافة الأدوات المُتاحة، ومنها الأداة الجمركية والضريبية، سواء من خلال إرساء مساهمة تضامنية مرحلية للفئات الميسورة، أو من خلال إجراءات جبائية تُؤَثِّــرُ إيجابا في اتجاه انخفاض الأسعار.
كما أوصى بضرورة اعتماد خطة تنموية تبعث الروح في الاقتصاد الوطني وتوفر جوا سياسيا مناسبا.
ويؤكد حزب التقدم والاشتراكية على أنَّ الظرفية المقلقة التي تجتازها بلادنا تستلزم، اليوم، اعتمادَ الحكومة مقاربةً قوامها الاجتهاد والإبداع والجرأة السياسية، تنبني على خطة مستعجلة وناجعة ودقيقة للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي. إنَّ هذه الخطة تستدعي توفير الموارد المالية الضرورية لتمويل المجهود التنموي، ومعالجة العجز المتفاقم الناتج عن الفرضيات المُتجاوَزة التي انبنى عليها القانون المالي الحالي، وعن التأثيرات السلبية المستمرة للجائحة، وعن المجهود المالي الخاص والاستثنائي الواجب بذله لمواجهة تداعيات الجفاف.
كما أشار إلى أن نجاح هذه المقاربة يستدعي، أكثر من أيِّ وقت مضى، باستحضار التعبيرات الاحتجاجية المختلفة، اتخاذَ إجراءاتٍ فعلية لاستعادة الثقة والمصداقية، من خلال توطيد المسار الديموقراطي وتوسيع فضاء الحريات وتقوية دور المؤسسات.
وفي هذا السياق، يُطالب حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومة بمأسسة الحوار الاجتماعي وجعله مُنتجاً للحلول ومُفضيا لتحسين أوضاع المأجورين، وعدم إخضاعه للتقلبات المرتبطة بالضغوطات الاستثنائية.
وشدد حزبَ التقدم والاشتراكية، المعتمِد دائماً، في ممارسته السياسية، على المسؤولية والجرأة والاتزان، على مواصل التفاعل البَنَّاء مع كل هذه القضايا، من خلال السعي الدائم نحو تجميع كل الفعاليات المجتمعية التي تتقاسمُ معه المقاربات والحلول الناجعة، لتأمين مسار التغيير والارتقاء بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، في إطار الاستقرار.
وعلى صعيد الأوضاع الدولية، تطرق المكتبُ السياسي إلى الأزمة الخطيرة بين روسيا وأوكرانيا وتداعياتها المقلقة، مُــعَبِــراً عن أمله في أن يتم إيجادُ حلٍّ سلمي سريعٍ لهذه المشكلة بين البلدين، بما يُسهِــمُ في حفظ الاستقرار والأمن على الصعيديْن الإقليمي والعالمي.
أما على صعيد الحياة الداخلية للحزب، فقد اطلع المكتبُ السياسي على مُجمل التحضيرات الجارية لالتئام المؤتمر الوطني لمنتدى المناصفة والمساواة. وأقر تنظيم ندوة حول الماء يوم الأربعاء 09 مارس المقبل بالمقر الوطني للحزب بالرباط. كما صادق على برمجة عددٍ من اللقاءات الإقليمية المخصصة للنقاش الداخلي في أفق المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب.