الحدث بريس : متابعة
أثناء تعقيبه باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، على جواب وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، على السؤال الشفهي الموجه إليه، بشأن تداعيات جائحة كورونا على قطاع الصناعة والتجارة ببلادنا.
جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية المنعقدة بمجلس النواب، يوم الاثنين 11 ماي 2020، والمخصصة لمراقبة العمل الحكومي.
السيد الرئيس المحترم،
السيد الوزير المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمين،
جهود بلادنا في احتواء هذه الجائحة متواصلة والحمد لله، بنفس اجتماعي وصحي، وبتضحيات اقتصادية السيد الوزير، كبيرة، ولذا طبيعي أننا نسجل بأن هذه التضحيات سترخي بظلالها الثقيلة على اقتصادنا الوطني. ولهذا فإننا نعتبر أن هذه المرة الأولى في التاريخ وعلى المستوى العالمي،يتوقف فيها الاقتصاد توقفا شبه كلي، ويتباطؤ نقل السلع بين الدول في هذه الآونة.
السيد الوزير، قطاع الصناعة والتجارة من القطاعات الأساسية في نمو اقتصادنا الوطني، وهو من القطاعات التي تأثرت بتفشي هذا الوباء، من
حيث تعليق بعض الأنشطة الصناعية، خاصة منها ذات الارتباطات الخارجية. ومن أهم هذه القطاعات التي من المتوقع أن تتأثر لفترة طويلة،قطاع صناعة السيارات الواعد ببلادنا، التي أصبحت من المواقع العالمية المعروفة في هذا المجال. فماهي الإجراءات الكفيلة باستمرار هذا الورش الحيوي الذي نحييكم عليه؟
كما سيتأثر كذلك قطاع التجارة والصناعة، بشكل طبيعي بسبب تعطيل سلاسل الإمدادات العالمية وتراجع النشاط التجاري، ومنع التنقل والحد من الحركة التجارية لدى العديد من الشركاء الأساسيين لبلادنا. وفي مقابل ذلك، ولله الحمد، سجلت بلادنا انتعاشا في بعض الصناعات،والأنشطة التي تضمن استدامة الخدمات الأساسية، ولو أن هذه الأنشطة هي أقل من مستوياتها المعتادة، من قبيل مثلا الانفتاح على ورش الكمامات، أجهزة التنفس الاصطناعي، وغيرها كتأمين الغذاء، مما يفرض علينا اليوم، أكثر من أي وقت مضى السيد الوزير، أن نشجع كل المبادرات الشابة للاختراع والابتكار، ودعم البحث العلمي الصناعي، بتمويل قار وجدي وهادف.
وفي هذا الصدد، نسجل إيجابا، الإجراءات الجديدة التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية خلال الأسبوع الفارط، من أجل ضمان استئناف أنشطة المقاولات بشكل سلس، والتي على الدولة أن تفي بمستحقات هذه المقاولات اليوم، وأن تفتح المجال من جديد للعمل من أجل تنمية عملها، ومواصلة هذا الورش الاقتصادي، سواء من خلال مراجعة آلية ضمان
الأكسجين، أو من خلال تجويد شروط الحصول على التمويل،لاستئناف نشاط المقاولات، خاصة الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا.
ونسجل هنا للأسف الشديد، ضعف انخراط الأبناك وعدم تجاوبها، ومعها شركات التأمين في سياق التضامن الذي عشناه اليوم وغير المسبوق الذي فرضته هذه الأزمة، وبالتالي نطالب بإعادة النظر في علاقة المنظومة البنكية بالاقتصاد الوطني ومراجعة كل القوانين ذات الصلة.
وهنا وجبت الإشارة السيد الوزير المحترم، وإثارة الانتباه إلى فئة مجتمعية واسعة لها أدوار مركزية، وهي فئة التجار، خاصة الصغار منهم، الذين يعانون في صمت، بحيث أن لا بد من استفادتهم من كل الإجراءات الاقتصادية والتدابير المتخذة للتخفيف من تداعيات الجائحة عليهم. نعلم جميعا السيد الوزير، أن مول الحانوت بالدارجة، هو صمام آمان تأمين الأمن الغذائي، وكذلك الاستقرار الاجتماعي في الاحياء والمناطق الشعبية،وبالتالي علينا هيكلة هذا القطاع ودعمه وتشجيعه.
ولكن وبكل موضوعية ومسؤولية، لا بد أن نقول بأن هذه الآثار التي يخلفها الوباء، ستكون كبيرة على قطاعات متعددة، فالأرقام الرسمية اليوم،تبين بأننا في تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة، والصعوبة تزداد في غياب مؤشرات صحية وعلمية لاحتواء هذا الداء، على المستوى الوطني والدولي في أقرب الآجال.
السيد الوزير،
اليوم، لنا قطاعات اقتصادية واعدة مرتبطة مباشرة بالسوق الأوروبية، وبالتالي التأثير متواصل ويجب الحد منه، كما كذلك السيد الوزير،سيكون اقتصادنا اليوم، أمام امتحان كبير، وأن نأخذ الدروس والعبر، ونبحث عن سبل تقوية الآلية الاقتصادية الوطنية، والاعتماد على الاستثمار العمومي وعلى الطلب الداخلي، وتنمية استهلاك المنتوج الداخلي الوطني، ومن ذلك تحفيف الاكتفاء الذاتي، والولوج القوي إلى رقمنة معلوماتية فاعلة لكل المجالات الحيوية، وخاصة منها منظومة التربية والتكوين، وتعزيز ورش الإدارة الالكترونية .وهي مناسبة السيد الوزير، كذلك، لمراجعة شاملة لكل اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمتها بلادنا، وهي اتفاقيات غير متكافئة، من نتائجها: عجز تجاري هيكلي، وعجز مزمن في الميزانية، واحتياطي العملة في انخفاض متواصل، ونسبة الدين في ارتفاع مستمر.
كذلك السيد الوزير، السيدات والسادة النواب المحترمين، هي فرصتنا اليوم، من أجل التوجه نحو إفريقيا قارتنا الأم، وإطلاق كل المبادرات المشتركة التي تــتـــيح تجاوز المقاربات الأنانية والحلول الوطنية المحدودة، إلى علاقات متوازنة ومتكافئة. وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، تعزيز الاقتصاد في قارتنا الإفريقية، ومحاولة مده بشكل متواصل، وكذلك خلق فرص جديدة للتعاون، من أجل التكتل الإقليمي الذي سيخدمنا جميعا، ويصحح كل الاختلالات التي عشناها في العقود الماضية، وبالتالي نحييكم السيد الوزير على كل المبادرات.