تستمر المفاوضات المكثفة بين الحكومة الإسبانية والكتل البرلمانية لإقرار نص جديد يهدف إلى تسوية أوضاع ما يقارب 470 ألف مهاجر موجودين في إسبانيا، بحلول نهاية ديسمبر 2025. تأتي هذه الخطوة كجزء من محاولة لإعادة إحياء المبادرة التشريعية الشعبية التي
ظلت معلقة في البرلمان لأكثر من عام. الحكومة بقيادة بيدرو سانشيز تستعد للموافقة على مبادرة تسوية موسعة لمنح الإقامة لما يقرب من نصف مليون مهاجر غير نظامي، في وقت تتخذ فيه العديد من الدول الأوروبية الأخرى نهجًا يعتمد أكثر على الترحيل، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق حول النص الجديد في مايو الماضي.
بدأت المبادرة التشريعية الشعبية في عام 2021 بعد جمع 600 ألف توقيع، بدعم من أكثر من 900 منظمة. كان الهدف الأساسي منها هو منح تصاريح إقامة وعمل استثنائية للمهاجرين، إلا أن التعديلات التي أُدخلت عليها لاحقًا تسببت في خلافات حادة داخل البرلمان بين الأحزاب الحاكمة وأطراف المعارضة.
النص الحالي، الذي حصلت صحيفة “إل باييس” على نسخة منه، يبتعد عن مصطلح “تسوية استثنائية” المستخدم في النسخة الأولى عام 2021، ويعتمد صيغة جديدة تلخص بـ “نظام انتقالي، استثنائي ومحدد زمنيا.”
يشترط النص أن يكون المتقدم قد أقام في إسبانيا لمدة لا تقل عن سنة واحدة قبل 31 ديسمبر 2025، مع تحقيق شروط أخرى مثل خلو السجل الجنائي، التنازل عن طلبات اللجوء السابقة، عدم وجود أوامر ترحيل ضدهم، وعدم تشكيل أي تهديد على الأمن الوطني. يتم الآن مناقشة تمديد هذه الفترة الزمنية لتشمل حتى تاريخ صدور القرار أو تنفيذ الإصلاح الجديد
من المقرر أن تُدرج جميع الشروط والإجراءات في مرسوم ملكي يجب المصادقة عليه في غضون ستة أشهر بعد الحصول على موافقة أغلبية نواب البرلمان.
يقترح المشروع منح تصاريح إقامة وعمل لمدة عام واحد دون الحاجة إلى توفر عقد عمل مسبق، في خطوة مشابهة للتسوية التي شملت 23 ألف مهاجر تأثروا بفيضانات أكتوبر الماضي في فالنسيا.
وتُعد هذه الخطوة جسرًا للاندماج في الإطار القانوني، حيث يمكن للمستفيدين لاحقًا اتباع طرق التسوية التقليدية القائمة على مدة إقامة لا تقل عن سنتين.
ورغم أن هذا الخيار لم يكن في السابق من أولويات الحكومة الاشتراكية، إلا أنه أصبح اليوم أداة رئيسية لمعالجة الاختلالات التي كشف عنها قانون الهجرة الجديد.
تأتي هذه المبادرة في ظل تنامي الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب تداعيات القانون الجديد، الذي كان الهدف منه تبسيط إجراءات الإقامة. إلا أن تنفيذه قد يعرض أكثر من 200 ألف طالب لجوء لفقدان الحماية القانونية، مما يدفعهم نحو سوق العمل غير النظامي ويزيد من هشاشتهم.
تمثل هذه الخطوة التشريعية محاولة عملية لتجاوز تحديات القانون الجديد. وتأتي أيضًا استجابةً للضغوط المتزايدة من قطاعات اقتصادية حيوية مثل الزراعة، الرعاية الصحية والخدمات، والتي تواجه نقصًا حادًا في اليد العاملة وفقًا لتصريحات الحزب الاشتراكي الحاكم.