الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
يبدو من خلال زيارة أحد قادة الجيش الجزائري لمخيمات تندوف هذه الأيام ، ومن محاولة استقراء الوضع القائم والتحركات ، والزيارات ، وماتعرفه الساحة الدولية من تغيرات أن قادة الحركة الانفصالية يعيشون الرعب لكون الصحراويين لم يعد بإمكانهم المزيد من الصبر على واقع فرضه الحاضن و الوصي الجزائري ، فالاحتجاجات اليومية التي يشهدها مخيم الرابوني من طرف الرافضين لسياسة ابراهيم غالي التي تعتبرهم مجرد خدم و قطيع ابانت وبشكل ملموس أن الأمور بدأت تسوء وتخرج عن السيطرة فاتسع بذلك الفتق على الراتق ، ولم يعد بإمكان المستبد أن يتحكم بمناضلي وشرفاء القبائل الصحراوية التي تأبى الخسف والضيم .. فما بالك أن تركن له وتستكين .
كما أن استقالة المبعوث الأممي تعد تعبيرا ضمنيا عن رفضه لهذه المسرحية المملة فلم ،يعد مقبولا لدى المنتظم الدولي تمديد و إطالة معاناة الصحراويين المحتجزين في مخيمات تيندوف بعد مشاركة الوفد المغربي في المفاوضات بعناصر وازنة من المنتخبين الصحراويين المغاربة الذي يعتبر وجودهم دليلا قاطعا على اهتزاز أطروحة قادة الجزائر .
لذلك سيأتي الدور على المجتمع المدني ليتحمل جزءا من مسؤوليته في الدفاع والترافع عن القضية إزاء الوضع الكارثي الذي لاينفك يغطي بظلاله على الأوضاع بالمنطقة ويجعلها في حالة ترقب، فبعد رحيل ( استقالة ) المبعوث الأممي المكلف بحلحلة الملف الخاص بالصحراء وايجاد مخرج يأخذ بعين الاعتبار الطرح المغربي الجاد والعملي القابل للتطبيق .
كل الفرضيات المتعنتة تسير كنتيجة حتمية في اتجاه المجهول .. وخلق المزيد من المعانات والتشرد للصحراويين .. و بالنظر لمن ألقى السمع لما تعيشه الشقيقة الجزائر ، فإنه أصبح لزاما على الجميع كأفرادا ومجموعات ومجتمع مدني … عبر وسائط التواصل الاجتماعي أن نوجه رسالة تطبعها الحكمة والتبصر تعمم عن طريق الفضاء الأزرق وعبر الإعلام والنقط الساخنة الكترونيا التي تهتم بالقضايا المغاربية وغيرها بضرورة :
أن تترك حركة البوليساريو الراديكالية : ” الصحراويين ليعيشوا بين أهلهم ووطنهم المغرب بأمن وسلام وعدم المتاجرة بهم وبيع الاحلام لهم “.
إن حركة البوليساريو تعتبر ومنذ زمن “فبركتها” من طرف زعماء الشر ، حركة طفيلية تعمل على إهدار الثروات و الزمن التاريخي للإنسان الصحراوي ، ووجها من وجوه التخلف والرجعية كما أن هذه الحركة تعتبر معول هدم و ” شفط ” وابتلاع لثروات الشعب الجزائري والمغربي ومقدراتهما على حد سواء …
الجزائريون كمجتمع يعرفون اليوم ويفهمون بأن البوليساريو حجر عثرة أمام ازدهارهم ، وكونها أنشئت أيام الحرب الباردة وأنها حركة استنزافية للزمن والمال .
كما أنها بالنسبة للرافضين محاولة محو متعمد لكل تفكير ووعي لدى الصحراويين للبحث عن فضاء للحرية ونافذة للكرامة و مسار حنين للإنتقال لوطنهم الأم للعيش بين أهليهم وذويهم بسلام وأمن بعد 40 عاما من اللضى والحر والقر ، والتيه الذي لاتعرف له نهاية .
إن ثروات ومقدرات الجزائريين الآن تذهب لجيوب وصناديق قادة البوليساريو لتدفن في سفريات ورفاهية القادة ، ليس حتى ليستفيد منها الصحراويون بل قادة العسكر وخدام أجندتهم فيما بعد إنها الثروات المرحلة والتي غالبا لا تكون واضحة لأنظار الجزائريين ومراقبة المنتظم الدولي .
كما أن تلك المساعدات الانسانية التي يقدمها المجتمع الدولي للمخيمات لاتذهب للغرض المخصص لها وإنما ” يلهفها ” قادة الحركة الانفصالية بينهم ولا يبقى منها إلا الفتات إن بقي أصلا ، وهو مايزيد في اتسفحال الوضع وتأزمه .
لذا نتساءل هل المجتمع الجزائري غير مطلع على ما يقع في تيندوف للصحراويين من احتجاز واستغلال ،وإذلال وسخرة ؟ -بعد أن انكشفت أوراق التوت عن النظام ” البوتفليقي ” – المجتمع الجزائري اليوم أصبح يعرف خطورة البوليساريو كما يعرف أن أحد أسباب فقره وعوزه وبطالة شبابه وانسداد أفق الحياة لديه وما يعيشه من أوضاع هو هذه الحركة اللعينة المسماة “بالبوليساريو” التي سممت الأجواء بين الأشقاء ، ومنعت الأقرباء من صلة أرحامهم ، وجعلت طموحات البلدين في تشكيل اتحاد مغاربي قوي اقتصاديا في مهب الريح .
الشعب الجزائري الشقيق يعي أيضا اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن أحد أسباب إفلاس مؤسساته الاقتصادية والمالية هو هذه ” البعوضة التي تعيش على امتصاص دمه ” لذلك هو متيقن بأن المرض الساري في بعض أعضائه الحيوية سببه “البوليساريو ” .
هذه الحركة المبثوثة عنوة من طرف قادة الشر هي أصلا لتقويض كل عمل يحقق طموحات الدول المغاربية في الاندماج الاقتصادي ولذلك تجد غالبية شباب الشعب الجزائري وهذا واقع ملموس تتساءل باستغراب عن جدوى استمرار العسكر في دعمه لهذا الكيان اقتصاديا وعسكريا كحاطب ليل دون تحقيق أية فائدة تذكر، عبر مدة تجاوزت أكثر من عقد من الزمن .
من هنا نجد الشباب الجزائري الواعي يتحدث بمرارة وهذا مشاهد من خلال مجموعات التواصل عبر الوسائط الالكترونية إلى عدم رضاه و شجبه لإنفاق أموال الجزائر على هكذا كيان “مزروع ” بين الأشقاء ، دون التفكير في مستقبل الشباب الجزائري و تطوير البنية التحتية للبلد .
إن استقالة المبعوث الأممي رسالة واضحة ذات دلالة للطرف المناويء إن كان له ذرة من الفهم ، بكون المجتمع الدولي قد ضاق درعا بهذه القضية المفتعلة وبألاعيب حكام الجزائر المنسجمة وطروحات البوليساريو الوهمية التي تصب في النفخ في بوق تصورات راديكالية قديمة مشروخة لدعم الثورة والثوار ، وخلق البطل الوهمي المغوار – إنها آلة تعمل لإطالة زمن التشرد والمعاناة للصحرواويين واحتجازهم قسرا وجبرا بدون وجه حق .
وفي الصورة القاتمة الأخرى إهدار وإسراف للثروة الجزائرية ،و لجهد المؤسسات الاقتصادية و المالية الجزائرية في تحقيق الرفاهية والازدهار للشعب الجزائري .