الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
إن أهمية ودلالة أن تسحب الدول ذات السيادة وخاصة دول أمريكا اللاتينية ، والافريقية على التوالي وباستمرار … اعترافها بكيان وهمي يسوق المغالطات لابد أن يفتح لأهميته في إطار العلاقات الدولية ” كمادة حديثة ” تدرس بالمعاهد والجامعات العالمية ، لأنه وفي وقت قياسي لم يشهد حكام الجزائر مثيلا لهذا النزيف السياسي المرتبط بهذه القضية التي حشروا أنفسهم فيها ، وينفقون عليها دون انقطاع من أموال شعب كممت أفواه مثقفيه وفقر سواده الأعظم ، هذه الانسحابات وفتح القناصل أعتبر لدى المحللين السياسيين معولا قاصما ضرب ديبلوماسية حكام الجزائر في مقتل يجعلهم في حيرة ودائمي الذهول .
الأمر عادي بالنسبة للمغاربة لأنهم يعلمون إجماعا أن جماعة أبي رغال يدافعون عن حق يريدون به باطلا تحت مسميات تتغير حسب الأهواء والظروف، لخلق كيان ذي منطق قبلي متشرذم غير واضح المعالم يسوقونه .
ويسوقون به ما في عقليتهم الإنتهازية ، مع العلم أنها محض أوهام عدلوها و صدقوها كما يفعل ” أشعب الطفيلي ” حينما يتخيل وجود وليمة وبعد لحظات يهرع وتلامذته لحضورها ..
جماعة أبي رغال التي لاتستند في كذبتها على أساس منطقي طيلة أربعين عاما تدبجها كل مرة كلما أحست بالخناق يشتد عليها من طرف الشعب التواق للحرية والكرامة ، فتصرف ذلك الحنق والغيض عبر أبواقها بتصريحات تطبعها السقطات في اللقاءات و المحافل الدولية .
جماعة أبو رغال رغم تخطيطها الكيدي للمغرب كثيرا ما تصدم بواقع مر فيعوزها المنطق والعقلانية فتطلق العنان حنقا للتفاهة عندما تأكدت أن عدد الدول التي تسحب الإعتراف وتفتح قنصلياتها بجهات الجنوب المغربية في ازدياد مطرد بفعل الديبلوماسية المغربية القوية لأنه : شتان بين من يدافع عن حقه التاريخي وهو مؤمن به ، وبين من يوطن نفسه وسيطا لسلب الصحراويين عزتهم وكرامتهم بالمرور على أكتافهم وجثثهم للمحيط الأطلسي فلكل حرب خاضها ويخوضها باختلاق الأكاذيب ثمن يمنى النفس به كي يأخذه مستقبلا أضعاف مضاعفة ، ولهذا يسعى لأن يضع الحصى في أحذية المغرب وموريتانيا حتى لا يحققا سويا أي اندماج اقتصادي يذكر بين البلدين، باللعب بهذا الملف وتصوير نفسه أنه سيد القارة الإفريقية وأنه الأذكى سياسيا والرائد اقتصاديا .
تهافت ذرية أبي رغال لابتلاع الصحراويين وبلبلتهم وتشريدهم بالفيافي والقفار وإفقادهم البوصلة لايفسر إلا بأنانية الأعراب الأشد كفرا ونفاقا داخل قصر المرادية .
أول شيء ينسف أطروحتهم المتهافتة دوليا هو أن أغلبية الموجودين بمنطقة تندوف كلهم إلا القليل جزائريون ويحملون الجنسية الجزائرية ويصوتون في الانتخابات الرئاسية وذلك هو السبب المباشر حسب اعتقادي الذي جعل الرئيس الجزائري في مناورة مفضوحة المعالم يصرح بما صرح به أمام الصحافة بخصوص علاقته بالمغرب وقضية فتح الحدود ، وقضية الصحراء …
وبعده وزير الخارجية الذي أبان عن حقد لامثيل له اتجاه المغرب لكون الديبلوماسية المغربية بكل اقتدار أزاحت من تحته البساط ، وحاصرت صبيانته المشاغبة بعدما كانت تصريحات عمار سعداني بخصوص الصحراء المغربية موجعة ومن الدار … افقدتهم التوازن وجعلتهم أضحوكة أمام الأفارقة ، وبينت بالملموس تناقضاتهم لأن الشخص مسؤول إذ يعتبر أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الحاكم بالجزائر سابقا ، والتي أكد في تصريحه أن “الصحراء مغربية وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين ”
ثاني شيء أغاض الرغاليين أن الدول التي تسحب أو تجمد اعترافها بالكيان الوهمي بدأت تعي خطورة تواجد كيان يصبح بؤرة للتوتر ونشر العنف والإرهاب في ربوع القارة الافريقية ويهدد سلامتها و علاقاتها الاقتصادية .
ثالث شيء أن هذه الدول لم تجني من هذا المشكل المصطنع من قادة الجزائر أي شيء سوى أنه على المستوى الإقتصادي سيصبح عبئا ثقيلا على هذه الدول التي لا تحبذ الكيانات القزمية المصطنعة التي تعيش على المساعدات والمنح ،لكون ذلك يعد هدرا لزمنها التاريخي و التنموي ، وبالمقابل على المستوى الإنساني فالمشكل عامل مباشر لاستنزاف ثروات الشعب الجزائري وإفقاره بدل أن تتوجه أولويات قادة المرادية لكسب ثقة الشعب المتذمر اعتبارا لوضعه المزري بسعيها لتنمية الولايات الجزائرية ، والمناطق المقصية المهمشة التي تعيش ويلات الفقر .
رابع شيء أن هذه الدول واعية بأن فئة من البوليساريو والذين ينتمون لقبيلة واحدة هم في الأصل مغاربة احتضنتهم الجزائر أيام الحرب الباردة ودعمهم القذافي بالسلاح وأنهم لا يمثلون الصحراويين ككل الذين يعيشون الآن في كنف وطنهم الأم متبنين لإطار الجهوية كباقي جهات المغرب ولهم من يمثلهم في مجالسهم المنتخبة كما أن قبائل الصحراء المغربية أصبحت تعي خطورة تبني الطرح القبيلي المبني على الإنتماء العرقي لأنه أساس الشرور واستفحال العنصرية والإقصاء المتعمد ولذلك اختارت الأسس العقلانية الديمقراطية .
خامس شيء أن ما بني على باطل من طرف حكام الجزائر فهو باطل لأن الأرشيف الوثائقي الذي تمتلكه الدول التي استعمرت المناطق المغربية يدل دلالة قاطعة على مغربية الصحراء .
سادس شيء أن المفاوضات التي قام بها المغرب والكل يعرف ذلك لايمكن أن تخرج عن الحل الواقعي الذي أكدت مجموعة من الدول مصداقيته وهو الحكم الذاتي في إطار الجهوية الموسعة .
سابع شيء أن هذه الدول أصبحت على علم بأن المساعدات الانسانية لا تذهب للمحتجزين في المخيمات ، بل هي وسيلة للمتاجرة والابتزاز وهو الأمر الذي كشفت عنه التقارير الدولية في العديد من المناسبات وبالتالي لن يستمر الوضع على ماهو عليه .
من هنا يمكن أن نتساءل بكل موضوعية عن وظيفة ودور هذا الكيان المصطنع داخل الجسم العسكري الجزائري ؟ مادام يسوق البلدين الجارين إلى مزيد من التشردم وتمزيق أواصر القرابة بين الأسر الجزائرية والمغربية كما يقف حجر عثرة أمام الإندماج الإقتصادي المغاربي .
إن حكام الجزائر قد أنفقوا ولا زالوا ينفقون من أموال الشعب الجزائري على نسل أبي رغال كرمز للخيانة استنادا على أطروحات قبلية بائدة .