شهدت سوق الشغل بالمغرب خلال الفصل الأول من سنة 2025 دينامية لافتة، تقودها قطاعات حديثة وفي مقدمتها قطاع الخدمات، الذي نجح في خلق 216 ألف منصب شغل جديد، وفق ما كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط في تقرير حديث. هذا الارتفاع يمثل زيادة بنسبة 4% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، ما يؤكد استمرار تحول البنية الاقتصادية نحو أنشطة ذات طابع خَدَمي وحضري.
وتم توزيع مناصب الشغل الجديدة بين الوسط الحضري بـ156 ألف منصب، والوسط القروي بـ60 ألف، ما يعكس توسع نشاط الخدمات ليشمل مختلف جهات المملكة. وسجلت “الخدمات الاجتماعية المقدمة للمجتمع” أكبر مساهمة بخلق 74 ألف منصب، متبوعة بـ”الأنشطة المالية والعقارية والعلمية والإدارية” بـ66 ألف، ثم “التجارة” بـ48 ألف، مما يبرز تنوع مصادر التوظيف داخل هذا القطاع الحيوي.
في السياق ذاته، عرف قطاع الصناعة نمواً بنسبة 6% بإحداث 83 ألف منصب شغل، توزعت أساساً داخل المدن الصناعية بـ80 ألف منصب، مقابل 3 آلاف فقط في العالم القروي. كما ساهم قطاع البناء والأشغال العمومية في تعزيز سوق العمل بإحداث 52 ألف منصب، أغلبها في الوسط الحضري.
في المقابل، سجل قطاع الفلاحة والغابة والصيد تراجعاً مقلقاً بفقدان 72 ألف منصب شغل، بانخفاض نسبته 3%، مما يعكس استمرار تأثير التحديات المناخية والهيكلية التي تثقل كاهل هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الوطني.
وتكشف هذه المعطيات عن تحول بنيوي في سوق الشغل المغربي، حيث باتت القطاعات الخدمية والصناعية تمثل الرافعة الأساسية للتشغيل، في مقابل التراجع المتواصل للقطاعات التقليدية، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول مستقبل الفلاحة وضرورة تسريع الانتقال إلى نموذج اقتصادي أكثر استدامة وشمولاً.