الحدث بريس ـ عبد الفتاح مصطفى
لا غنى لأهل الرشيدية و النواحي عن الأسواق الأسبوعية، أسوة ببقية المناطق القروية، إنها مركز الثقل في كل شيء، وتأتي قوتها هذه من كونها نقطة التقاء والتجمع الحتمي والنشاط للجميع، يحج إليها السكان أسبوعيا من أجل التسوق الذي هو فقط واحد من بين أهداف كثيرة تحققها.
وظهر هذا خاصة خلال الحجر الصحي الأخير الذي عرفه المغرب نتيجة جائحة كورونا، عندما تم إغلاق الأسواق الأسبوعية وبقي سكان القرى بدون مؤونة خاصة في أعالي جبال الٱطلس الشرقي حيث يعيش عدد كبير من الرعاة الرحل الذين يقصدون الأسواق للتبضع بعد بيعهم لماشيتهم” الزائدة”.
وتنعقد الأسواق بعدد أيام الأسبوع على الأغلب في المراكز القروية ، واحتفظت الرشيدية مند فجر الاستقلال ، بأسواقها الأسبوعية التي كانت تنعقد ثلاث مرات في السبوع ( الثلاثاء ، الخميس والأحد) في مركز المدينة ( موقع المحطة الطرقية اليوم) ، حيث كان السوق يتوفر على حنفية للشرب ، ومراحيض ، ومكان مغطى لتسويق الحبوب وكل المرافق الضرورية ، قبل أن تتوسع و تتطور عبر العقود الأخيرة ويتحول مكان السوق الأسبوعي الى ما هو عليه اليوم والذي يعرف بسوق الٱحد.
سوق الأحد اليوم مكتظ و مملوء ، بدون أدنى شروط و مواصفات ، يحتوي على كل متطلبات التسوق ، يستقطب أقطاب متنوعة وكثيرة من الباعة لمختلف السلع و المواد و الخضر بما فيها خضر فلاحي المنطقة ، ناهيك عن المشعوذين ومحترفي الطب البديل و النصابين باسم العلاج وقطاع الماشية والدجاج البلدي و الرومي و…حتى أضحى السوق الأسبوعي ليوم الأحد بالرشيدية سوقا لا تحترم فيه شروط البيع و الشراء لعدم تهيئته و تنظيمه نظاما يليق بشعبيته و زواره وبكمية السلع المعروضة فيه …
وقال ( ل.بالوك) رئيس لجنة التجارة بإقليم الرشيدية في هذا الاتجاه في احدى مداخلاته ، حول سوق الحد : “انه السوق الأسبوعي لمدينة الرشيدية عاصمة الجهة ، سوق بمثابة بؤرة للتلوث وبامتياز ، بناء عشوائي بالداخل ، واكتظاظ على الأبواب ، مزبلة لكل بقايا الباعة واستخلاص لما نسميه بالصنك البلدي ، أي دخل للمجلس الجماعي ، انه قمة الانتهازية من قبل المجلس الجماعي بحكم أن الأسواق الأسبوعية تابعة له…”.
فهذا السوق يعرف اختلالات كثيرة و عديدة و في مقدمتها طريقة تدبيره الذي أبضت متجاوزة ، ويبدو ، كما يشهد على ذلك رئيس لجنة التجارة و الواقع نفسه ، أنه لا يدخل في دائرة اهتمام القائمين على الشأن النحلي بالرشيدية سلطات و منتخبين . فحالته لا تحتاج الى دراسة تشخيصية ، فزيارة سريعة لهذا السوق “سوق الحد” ، كفيلة بوضع الزائر في صورة الفوضى العارمة والعشوائية التي بات يشهدها هذا الفضاء “التجاري” الذي يؤمه الأف الزوار كل أسبوع ، من متبضعين و بائعين تجاريين محليين وقادمين من خارج الإقليم ..على هذه الحركية الدؤوبة كل أسبوع ، كان من المفترض أن يشكل هذا السوق تحولا متطورا في الحركة التجارية و الاقتصادية بالسوق ، حيث سينقله الى فضاء يتميز بجودة عروضه و خدماته لقوة حركيته …فلا شيء من هذا : فلا أجنحة بارزة ولا أروقة تمكن الباعة في ترويج وبيع منتوجاتهم في ظروف مواتية …خاصة وأن جميع جنبات السوق أضحت وكرا للتجميع و تكديس الخوردة و البازار و الأوساخ والمتلاشيات ، ما أدى بنسج وتثبيت أوكار لا نعلم من يستغلها ولا من يأويها وماذا بداخلها ….حتى باتت الشكوك تحوم حولها كما عبر رئيس لجنة التجارة (ل.ب.) في احدى الحوارات التي أجراها على الواتساب .
ولا ممرات تسهل مرور المرتفقين والعربات التي تنقل مقتنياتهم ، سوق بدون أي قيمة مضافة تذكر ، باعة يعرضون بضاعتهم في مدخل السوق وكذا في جوانبه بدون مراقبة ، ما تسبب في اختناق كبير يعيق الولوج الى الداخل .
إن الانهمام بسوق الأحد مدخل للتنمية الترابية ، ولا يمكن أن نطور الانتاج و الانتاجية والتنوع الاقتصادي لدى الفلاح والتاجر المحلي دون تأهيل وعقلنة وتحديث هذا السوق خاصة وأنه يدر مداخل مهمة على الجماعة..