الحدث بريس: يحي خرباش.
حلت مؤخرا بالرشيدية الفرقة الوطنية بفاس للتحقيق في الشكاية التي تقدم بها أعضاء المعارضة بالمجلس منذ أكثر من سنة فيما يخص الفساد المالي وهدر المال العام ضد رئيس المجلس الحبيب الشوباني ،والمتهم بالتلاعب في المال العام وإصدار صفقات سمينة دون احترام شروط المنافسة.
الشكاية المرفوعة إلى الوكيل العام لمحكمة جرائم المال العام بفاس تخص صفقة أسطول النقل المدرسي 100 سيارة بمبلغ يقارب الأربع ملايير سنتم استفادت منها الشركة صاحبة صفقة 50 سيارة للنقل المدرسي سنة 2017 دون اللجوء إلى مسطرة المنافسة الشريفة ،في حين أن الاتفاقية الموقعة بين مجلس الجهة والمجالس الإقليمية الخمس كانت تقضي بأن يتم تحويل المبالغ المالية إلى هذه الأخيرة لتتكفل بشراء سيارات النقل المدرسي وتوزيعها على الجماعات بناءا على اتفاقية تحدد التزامات الطرفين ووفق حاجيات كل مجلس إقليمي على حدى ،إلا أن الرئيس كان له رأي آخر ،حيث انقلب على الاتفاقية وقرر التكفل بعملية الشراء بعد استشارة نائبه الرابع الذي اعتبرها صفقة تسيل اللعاب ،وأمر بتوزيع هذا الأسطول على الجماعات والجمعيات التي يسهر على تسييرها إخوان الشوباني.
عملية التوزيع هذه شكلت موضوع خلاف كبير بين مجلس الجهة والمجالس الإقليمية من جهة وبين السلطة المكلفة بالداخلية من جهة أخرى ،بل أن الرئيس وكعادته قام بتسوية هذه النفقة عن طريق الأداء بالتسخير متحديا سلطة الرقابة الإدارية وسلطة المراقبة المالية في هذا المجال .
ومن جانب آخر فقد تضمنت الشكاية تعويضات تنقل بعض الأعضاء المبالغ فيها ،والتي يستفيد منها المحسوبين على الرئيس وحزبه بسخاء كبير،فالنائب الرابع وحليف الشوباني حطم الرقم القياسي في الاستفادة من التعويضات ،الصغيري الذي يدرس بالكلية المتعددة التخصصات يستفيد من تعويضات كبيرة خارج الإطار القانوني ،كما يعتبر الإسراف في نفقات الإيواء والتنقل والإطعام الباب الذي صرفت فيه الملايين من الدراهم كانت من نصيب مقاولين محسوبين على الحزب دون اللجوء إلى المنافسة ،وهي النقطة التي كانت موضوع ملاحظات المفتشية العامة للمالية والداخلية في تقريرها الأول الصادر سنة 2017، صفقات استفاد منها على سبيل المثال النائب السابع بمجلس أرفود حوالي 200 مليون سنتم والقائمة تطول.
تأتي هذه الخطوة التي أقدمت عليها المعارضة بعدما استنفدت جميع الطرق الحبية في حوارها ومخاطبتها الرئيس بحته على تركيز الجهود على التنمية وخلق فرص الاستثمار ،بدل التمادي في الإفراط من النفقات التي لا فائدة منها ،والتي تنهك ميزانية المجلس وتستنزف موارده، غير أن هذه المساعي لم تحرك في الرئيس شعرة معاوية كما عودنا على سماع هذه المقولة ، فهو رئيس يعشق مغامرات التحدي ولا يقبل بالحلول الودية، ضاربا عرض الحائط التوجيهات والخطب الملكية السامية حول الجهة والجهوية كمدخل أساسي للتنمية بما تقضيه الحكمة والأمانة في تنزيل الخطب الملكية على أرض الواقع.
وفي انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات الفرقة الوطنية في أكبر ملفات الفساد التي ميزت مجلس الجهة والتي كانت موضوع تقارير سوداء، سواء التقرير الأول الصادر منذ أكثر من سنة ،أو التقرير الثاني الكارثي الذي صدر مؤخرا،والتي لم يحسم في أمرهما بعد، رغم أن القانون التنظيمي للجهات قد سبق وأن بلغ الرسالة في الفقرة الأخيرة من المادة 248،ليبق الانتظار سيد الموقف حتى إشعار أخر.