الحدث بريس: ادريس بوداش.
إن ملف المرأة السلالية ، لمن أهم الملفات التي لا تقل أهمية في أبعادها الاجتماعية والسياسية إن على المستوى الوطني أو الدولي، إذ تدعمه في ذلك الهيئات الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة والمستقلة عنها أيضا ، على اعتبار أنه ملف يحمل بين طياته جوهر مبدأ المساواة بين الجنسين في الحصول على الحقوق الخاصة في الإرث و الملكية و الإستفادة منهما.
ولمعرفة كنه هذه الإشكالية لبد لنا من الوقوف على المراحل الأساسية التي شهدها تطور ملف المرأة السلالية. حيث كانت الوضعية السابقة تكرس إقصاء النساء السلاليات من الاستفادة من الأراضي الجماعية و من عائداتها وذلك من منطلق الوضعية التي كانت تحتلها المرأة داخل المجتمع المغربي عبر التاريخ.
وفي إطار التطور الذي بات يعرفه العالم مع تقدم القوانين وسن مجموعة من المواثيق والمعاهدات الدولية والتي اعترف بها المغرب، وكذا نضالات الحركة النسائية المغربية خصوصا تلك المرتبطة بالنساء السلاليات، عبر نهجها المتواصل لبرنامج نضالي مرافعاتي حول قضيتهن وخوض مجموعة من الاحتجاجات المتواصلة للتعريف بهذا الملف خصوصا بالمناطق التي تعرف بنية عقارية متمثلة في أراضي الجموع .
ونتيجة للمقاربة التدريجية و التشاورية التي تنهجها وزارة الداخلية مع جميع الفاعلين المعنيين من سلطات محلية و إقليمية، نواب الجماعات السلالية، الهيآت الحكومية و المنتخبة، المجلس العلمي الأعلى، و جمعيات المجتمع المدني وذلك للبحث عن الطرق والإمكانيات الناجعة لتجاوز هذه الإشكالية، فقد ارتأت جميع هذه المكونات ضرورة تمكين النساء السلاليات من نفس الحقوق شأنها في ذلك شأن الرجل.
إلى ذلك عملت وزارة الداخلية على تفعيل هذه المقاربة التشاركية عبر سن دورتين وزارتين هما:
– الدورية الوزارية عدد 60 بتاريخ 25/10/2010 بخصوص استفادة النساء السلاليات من التعويضات المادية الناتجة عن العمليات العقارية (الكراء و التفويت)؛
– الدورية الوزارية عدد 17 بتاريخ 30 مارس 2012 الخاصة بإعطاء حق الانتفاع للنساء السلاليات في الأراضي الجماعية.
كما أن كل قرارات مجلس الوصاية، باعتباره هيئة تحكيمية خاصة بالأراضي الجماعية، بخصوص القضايا المتعلقة بالإرث المتخلف عن أحد ذوي الحقوق، تكرس استفادة النساء السلاليات من حصتهن في الأراضي الجماعية المستغلة من طرف الهالك قيد حياته.
بالإضافة إلى ذلك ومن أجل تشجيع النساء السلاليات لولوج سوق الشغل و إنجاز مشاريع تنموية، تم التوقيع مع وزارة الفلاحة على اتفاقية من أجل دعم بنات و أبناء ذوي الحقوق قصد استغلال عقاراتهم في إطار الفلاحة التضامنية و الإستفادة من المساعدات و الدعم المقدمين في إطار مخطط المغرب الأخضر.
و قد شكلت القرارات المتخذة تجسيدا عمليا لالتزام المملكة المغربية بتطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية المتعلقة بمناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء و انخراط الحكومة في مسلسل تنزيل دستور المملكة الذي ينص في تصديره حظر ومكافحة كل أشكال التمييز و في فصله التاسع عشر على المساواة بين الرجال و النساء في كل الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ويذكر أن العديد من المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة بالمغرب اعتبرت أن القرارات المتخذة من طرف وزارة الداخلية تقدما نوعيا في التعامل مع قضية النساء السلاليات من خلال منحهن مكانة متساوية مع أشقائهن من الرجال.
ورغم ما تم تحقيقه إلى حدود الساعة والمتمثل في الاعتراف بحقوق المرأة السلالية بالمغرب ، يبقى هذا الملف غير مقبول لدى العقلية الرجولية الريفية داخل المجال الجغرافي التي تعرف تنامي ملحوظ لنضالات المرأة السلالية نتيجة للعادات والتقاليد والتي تختلف من منطقة لأخرى.
ويشار إلى أن الأراضي الجماعية تتركز غالبيتها في المناطق الجبلية والشرقية وفي الجنوب الشرقي للمملكة ،إذ تمثل أربع أقاليم لوحدها (ورزازات، الرشيدية، فجيج وبولمان) أكثر من نصف المساحة الإجمالية للأراضي الجماعية،مايفوق 7 ملايين هكتار.