حلقت صواريخ صينية فوق تايوان خلال التدريبات العسكرية الأخيرة التي تجريها بكين حول الجزيرة ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، في حين دفعت تايوان بطائرات وسفن ونشرت أنظمة صواريخ لمراقبة الوضع.
ولم تؤكد بكين رسميا حتى الآن ما إذا كانت الصواريخ قد حلقت فوق الجزيرة أثناء التدريبات بينما رفضت تايبيه تأكيد أو نفي ذلك لأسباب تتعلق بالاستخبارات.
لكن وزارة الدفاع اليابانية قالت إنه من بين 9 صواريخ رصدتها “يعتقد أن 4 صواريخ حلقت فوق جزيرة تايوان الرئيسية”.
ونشرت وسائل إعلام رسمية صينية وسما بصيغة سؤال “ماذا يعني مرور لصواريخ تقليدية لجيش التحرير الشعبي فوق جزيرة تايوان؟”، جذب حوالي 43.7 مليون مشاهدة على موقع ويبو المعادل الصيني لتويتر.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الجيش “أطلق أكثر من 100 طائرة حربية بينها مقاتلات وقاذفات قنابل” خلال التدريبات، بالإضافة إلى “أكثر من 10 مدمرات وفرقاطات”.
وقال مراسل الجزيرة ناصر عبد الحق إن 100 مقاتلة حربية صينية قامت بطلعات جوية بالقرب من تايوان وأجرت مناورات عسكرية تحاكي استعادة الجزيرة.
وسقطت 5 صواريخ في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، مما دفع طوكيو إلى تقديم احتجاج قوي عبر القنوات الدبلوماسية.
وتشعر طوكيو، أحد أقرب حلفاء واشنطن، بقلق متزايد إزاء تنامي قوة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي وإمكانية إقدام بكين على عمل عسكري ضد تايوان.
طائرات وسفن راقب
وردا على المناورات الصينية، قالت وزارة الدفاع التايوانية اليوم الجمعة إن الجيش أرسل طائرات وسفنا ونشر أنظمة صواريخ برية لمراقبة الوضع فيما تجري الصين تدريبات عسكرية واسعة النطاق في المناطق المحيطة بتايوان.
وأضافت الوزارة أن عدة سفن وطائرات صينية عبرت خط المنتصف بمضيق تايوان صباح اليوم الجمعة، واصفة أنشطة بكين العسكرية بأنها استفزازية جدا.
وأردفت وزارة الدفاع بأن جيش تايوان سيكون في وضع الاستعداد القتالي لكنه لن يسعى للحرب.
وفي السياق، قال رئيس وزراء تايوان سو تسينغ تشانغ اليوم الجمعة إن “الجارة الشريرة” للجزيرة تستعرض قوتها “عند بابنا”، في إشارة إلى التدريبات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان هذا الأسبوع.
وأضاف سو للصحفيين في العاصمة تايبيه، ردا على سؤال بشأن إطلاق الصين صواريخ، أنها تدمر بتعسف الممر المائي الأكثر استخداما في العالم من خلال التدريبات العسكرية. وتابع بأن دول الجوار والعالم يدينون تصرفات الصين.
احتجاج صيني
وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي، قالت وزارة الخارجية الصينية اليوم الجمعة إنها قدمت احتجاجات رسمية للدول الأوروبية المعنية ومبعوثي الاتحاد الأوروبي بسبب التصريحات المتعلقة بتايوان الصادرة عن وزراء خارجية دول مجموعة السبع والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية.
وذكرت الوزارة في بيان أن نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي قدم الشكاوى الدبلوماسية أمس الخميس.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشونينغ إن زيارة بيلوسي استفزازية وتقوّض الأمن والسلام، وإن 160 دولة اعتبرت الزيارة استفزازية وتنتهك مبدأ الصين الواحدة. وأكدت أنه لا يمكن مقارنة ما يجري في أوكرانيا بما يجري في تايوان.
كما وصف سفير الصين لدى الولايات المتحدة -في مقال رأي نشره في صحيفة “واشنطن بوست”- جولة ناسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي بأنها كسرت علانية التزام الولايات المتحدة بعدم تطوير علاقات رسمية مع تايوان.
ودعا السفير الصيني واشنطن إلى الالتزام بمبدأ الصين الواحدة بما أنها تعتبر نفسها نصيرة نظام دولي قائم على قواعد.
واتهم الولايات المتحدة بأنها تحاول من جانب واحد تغيير الوضع الراهن في تايوان وتستخدم تايوان كوسيلة لاحتواء الصين.
ورجّح السفير الصيني أن تكون تايوان واحدة من قضايا قليلة للغاية قد تدفع الصين والولايات المتحدة إلى الصراع.
البيت الأبيض يستدعي السفير الصيني
وفي السياق، أفادت صحيفة واشنطن بوست اليوم الجمعة أن البيت الأبيض استدعى السفير الصيني تشين قانغ أمس الخميس للتنديد بتصعيد الإجراءات ضد تايوان، والتأكيد على أن الولايات المتحدة لا تريد أزمة في المنطقة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي لصحيفة واشنطن بوست “بعد تصرفات الصين، استدعينا السفير تشين قانغ إلى البيت الأبيض لمناقشته بشأن الأعمال الاستفزازية (الصينية)”.
وذكرت وزارة الخارجية الصينية اليوم إن بكين قررت فرض عقوبات على نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي وأفراد أسرتها ردا على أفعالها “الخبيثة” و “الاستفزازية”.
وبدورها، أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي خلال مؤتمر صحفي في طوكيو الجمعة، أن الولايات المتحدة “لن تسمح” للصين بعزل تايوان.
وقالت بيلوسي “لن يعزلوا تايوان من خلال منعنا من الذهاب إلى هناك. لقد أجرينا زيارات على مستوى رفيع.. ولن نسمح لهم بعزل تايوان”
وأضافت “قلنا منذ البداية إن تمثيلنا هنا لا يتعلق بتغيير الوضع القائم هنا في آسيا، أو بتغيير الوضع القائم في تايوان”.
وأوضحت أن تمثيل واشنطن بالجزيرة “يتعلق بقانون العلاقات مع تايوان، وبالسياسة الأميركية الصينية، وبكل التشريعات والاتفاقات التي أرست ماهية علاقتنا. إن الأمر يتعلق بإحلال السلام في مضيق تايوان وبجعل الوضع القائم يسود”.
وأشادت بيلوسي بـ”الديمقراطية العظيمة” في تايوان وبما تتمتع به من “اقتصاد مزدهر”.
وتزور بيلوسي ووفد من الكونغرس اليابان في المحطة الأخيرة من جولة آسيوية تضمنت مرورا قصيرا ومفاجئا بتايوان، الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي التي تعتبرها بكين تابعة لها.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الجمعة إن إطلاق الصين صواريخ حول تايوان هو تصعيد غير متناسب وغير مبرر، وإن الولايات المتحدة أوضحت للصين مرارا أنها لا تسعى إلى وقوع أزمة.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي على هامش منتدى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) إن الصين لن تستفز بلاده، مضيفا أنه “لا يوجد تبرير ممكن لما فعلوه”.