في إطار الرسالة التحفيزية التي أثرت في مشاعر قضاة المجلس الأعلى للسلطة القضائية أثناء تخرجهم في الفوج 43، شدد السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض على أن هذا اليوم عظيم في حياتهم، باعتبار أن قبولهم لممارسة هذه المهنة الشريفة، وتقليدهم للأمانة الكبرى التي وضعها فيهم جلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي سيعقبها مباشرة التحاقهم بالمحاكم لتأدية مهامهم القضائية، سواء كانوا قضاة حكم أو قضاة النيابة العامة، أعظم بكثير من ممارستها.
واستشهادا بقول الله تعالى، “إن الله يأمُرُكُم أن تؤَّدوا الأمانات إلى أهلها. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. إن الله نِعمًّا يعظكم به. إن الله كان سميعاً بصيراً” (النساء 58). صدق الله العظيم.
وفي هذا الصدد، هنأ عبد النباوي جميع أعضاء المجلس الجدد بالثقة المولوية الغالية المخولة لهم. كما تمنى لهم مساراً مهنياً موفقاً، والذي سيقود بعضهم إلى هذا الصرح القضائي العالي الذي نتواجد به اليوم لتقلد مسؤولية القضاء بمحكمة النقض كمستشارين أو محامين عامين.
النيابة العامة
وعلى هذا الأساس، أفاد نفسه على أن صرامة المجتمع نحو النيابة العامة. تجد تفسيرها في الدور الجسيم الذي يقوم به القضاء في حياة الأمم، والمهام العظمى التي يضطلع بها القضاة في ضمان الإستقرار والأمن داخل الأوطان. وفي تخليق الحياة العامة وفرض قواعد النزاهة والشفافية، وتنقية المناخ الإقتصادي وجلب الإستثمار والحفاظ عليه، وتسريع وثيرة النمو الإجتماعي.
ولفت إلى أن ترسيخ قواعد الديمقراطية. واجب مبدئي، لذلك فقد قال جلالة الملك حفظه الله في افتتاح أشغال المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999 :”إن العدالة. كما لا يخفى، هي الضامن الأكبر للأمن والإستقرار والتلاحم الذي به تكون المواطنة الحقة. وهي في نفس الوقت مؤثر فاعل في تخليق المجتمع وإشاعة الطمأنينة بين أفراده وإتاحة فرص التطور الإقتصادي والنمو الإجتماعي، وفتح الباب لحياة ديمقراطية صحيحة تمكن من تحقيق ما نصبو إليه من آمال، وهو قضاء لا يُعلّم وإنما يُفهم”.
كما أن التوجيهات الملكية أفادت على ضرورة إيلاء استقلالية هامة للجهاز القضائي المؤسساتي. بهدف تشكيل قفزة نوعية في تحقيق عدالة منصفة داخل المملكة المغربية.
القضاء لا يُعلّم إنما القضاء يفهم
وعلى صعيد أخر، فإن الإستقلال القضائي حسمه دستور المملكة بمقتضى الفصل 117. حيث أفاد على أن الإستقلال الذاتي للقاضي يعتبر قطب روحي ومؤشر رئيسي لتقييم مدى استقلالية هذا الجهاز للإرتباطه بشخصية القاضي. التي يجب أن تتسم بالقوة والثبات والثقة بالنفس. عن طريق التكوين الرصين والإيمان الراسخ بمبادئ العدل، مع استحضار دائم لمراقبة الخالق عز وجل.
ويذكر أن الإستقلال الذاتي يفرض على القاضي أن يكون مستقلا عن الأفراد ومستقلا بالنسبة للمحاكم التي تستأنف أمامها أحكامه.
وبالتالي ففد تم التأكيد على أن هذه التوجيهات تحتاج للتذكير. فقضاة المملكة المغربية أحوج إليها، ونسأل الله أن يعينهم وإياهم عن تطبيقها وتحمل ثقل هذه الأمانة التي خرت لها الجبال.
وتجدر الإشارة، أن أداء اليمين القانونية بمثابة قسم للوفاء لمبادئ العدالة السامية والقيم القضائية المثلى، ويصبح المرئ مطوق بالأمانة العظمى التي اختص بها الله من اصطفى من عباده. “وإنه لقسم لو تعلمون عظيم”.