لم يدم التصعيد الجزائري تجاه فرنسا طويلاً حتى عادت الجزائر لتطوي صفحة الخلافات بدون قيد أو شرط، بعد موقف باريس المؤيد لمغربية الصحراء ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي.
فبعدما رفعت الجزائر سقف خطابها وأعلنت القطيعة الدبلوماسية، ها هي اليوم تعود إلى مربع العلاقات التقليدية، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما حدث مع إسبانيا حين غيرت موقفها لصالح المغرب.
هذه الخطوة تكشف بوضوح محدودية هامش المناورة لدى النظام الجزائري، الذي وجد نفسه في مواجهة واقع دبلوماسي جديد فرضه المغرب بفضل رؤيته الاستراتيجية وحكمته في إدارة ملف الصحراء.
فبعد أن كسب المغرب دعم بلدين رئيسيين داخل الاتحاد الأوروبي، وهما فرنسا وإسبانيا، بات الموقف الأوروبي في طريقه إلى التبلور بشكل أوضح لصالح وحدته الترابية، بينما تجد الجزائر نفسها معزولة، بعدما فقدت ورقة “الحياد المزعوم” في دعمها لجبهة البوليساريو.
إن سرعة الجزائر في العودة إلى علاقتها مع فرنسا تُثبت أن الخطاب التصعيدي كان مجرد استعراض سياسي سرعان ما تلاشى أمام ضرورات الواقع، الذي فرضه المغرب بدبلوماسيته الهادئة والفاعلة.
وهكذا، لم يكن هذا التطور انتصارًا لفرنسا وحدها، بل بالأحرى نجاحًا آخر للمغرب في معركته الدبلوماسية لترسيخ وحدته الترابية.