الحدث بريس:يحي خرباش.
من بين الأمور التي تعكس سوء تدبير مجلس الجهة، هي التجاوزات الخطيرة التي رصدها تقرير افتحاص لجنة الداخلية والمالية والذي قطع الشك باليقين ،على أن التنمية بجهة درعة تافيلالت قد وضعها الشوباني في النعش وصلت عليها المعارضة صلاة الجنازة. وإذا كانت المسؤولية الأولى تقع على عاتق رئيس المجلس، فإن المعارضة التي ظلت صامدة طيلة هذه الفترة قد استنزفت كل جهدها رغم تفوقها العددي (24 عضوا) ، لم تفلح في كبح طموحات الشوباني مهندس العمليات التي يدبرها بمعية رفيقه في الحسابات المالية وإعداد المشاريع السياسية بمجلس الجهة. ولعل المتتبع للشأن السياسي بالجهة يتذكرجيدا الجلسات المارطونية التي شهدتها دورة أكتوبر من سنة 2017، لما رفضت المعارضة الميزانية التي عرضها الرئيس للتصويت وقدمت بدورها ميزانية بديلة، مما نتج عنه صراع قوي بين الطرفين بسبب تشبت الرئيس بميزانيته ضاربا عرض الحائط مقترح المعارضة ، الأمر الذي استدعى رفع الجلسة قصد استكمال المفاوضات وانتهي المطاف بالإفراج عن ميزانية توافقية داخل الكواليس بين الأغلبية والمعارضة .
ومن الأمور التي تثير الاستغراب هو غياب رئيس لجنة المالية الى يومنا هذا بعد تخلي الأصالة والمعاصرة عن هذه اللجنة ، وارتفاع حدة التوتر بين الرئيس ونائبه الاول عن حزب الاحرار حول رئاسة هذه اللجنة، حيث يصر هذا الأخير على الظفر بها نكاية بغريمه في الحزب سعيد شباعتو في حين يتشبث الشوباني بتسليمها لأحد أعضاء المجلس عن حزب الاصالة والمعاصرة مكافأة له إثر التحاقه بقافلة الشوباني المشكلة للأغلبية ،الأمر الذي مهد الأجواء للنائب الرابع بالمجلس لفعل كل شيء فيما يخص المعاملات المالية وإعداد الصفقات وطلبات العروض التي حطمت أرقاما قياسية كما أشار إلى ذلك تقرير افتحاص اللجنة الذي تم تجاوز التداول بشأنه بدورة يونيو2018 بتنغير والذي كشف عن تجاوزات كبيرة في مجال الاستثمار، بحيث عمد الرئيس الى إنجاز مشاريع ومراقبة جودة الاشغال للمدخل الشمالي الغربي للرشيدية في غياب مكتب للدراسات و لا زال هذا الملف عالقا الى يومنا هذا مع احتمال لجوء المقاول الى القضاء لاستخلاص مستحقاته. أما في مجال التنمية ،فقد قام الرئيس بتخصيص نسبة كبيرة من ميزانية التسيير لسنة 2016 للإيواء والإطعام والتنقل قدرت ب23% في غياب تام للجوء للمنافسة ،وخير دليل على هذا الكلام ،استفادة مؤسسة ما يسمى بالخبراء من أكثر من مليون درهم دون فائدة رغم مراسلة وزير الداخلية بعدم التأشير على دعم هذه المؤسسة ،في الوقت الذي توجد وكالة الجهة لتتبع المشاريع .تجاوزات الرئيس تتضح أيضا من خلال إبرام اتفاقيات لا يطابق موضوعها طبيعة الخدمات المقدمة والمبالغة في نفقات الايواء والتنقل والمأكل ،وهو ما يتجلى في صرف مبالغ كبيرة على الأندية الرياضية وتمرير صفقات للتنقل قدرت بالملايين كانت من نصيب أحد أعضاء المجلس الجماعي بأرفود عن حزب العدالة والتنمية .
ومن عجائب الأمور أنه رغم خطورة الخروقات المالية التي رصدها تقرير الافتحاص ، فإن نزيف هدر المال العام ما زال مستمرا إلى يومنا هذا، مما يعطي انطباعا سيئا للغاية عن الجهوية المتقدمة ويكرس فقدان الثقة اتجاه هذه المؤسسة الدستورية التي علا شأنها في الخطاب الملكي حول إطلاق الجهوية بالمملكة. كما أن عدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وتطبيق العدالة في وجه الفاسدين من شأنه أن يقضي على المكاسب التي حققها المغرب في إرساء دولة الحق والقانون، بحيث لم يعد هناك مكان للتواجد على رأس المؤسسات المنتخبة من أجل قضاء المصالح الشخصية والاستهتار بالمسؤولية، والحال أن ملك البلاد يؤكد في خطابه بمناسبة الذكرى18 لتربعه على كرسي العرش أننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية او الإفلات من العقاب.
يتبع.