الحدث بريس : المختار العيرج
أصدرت وزارة الداخلية القرار رقم 1 بتاريخ 27/1/2020 القاضي بتفعيل المادة 206 من القانون التنظيمي للجهات، في شأن البلوكاج الذي دخل فيه مجلس جهة درعة تافيلالت عقب رفض الميزانية و تحلل أغلبية الشوباني في دورة يوليوز و جلسات أكتوبر 2019 .
و بذلك تحسم وزارة الداخلية الجدل و تنهي النقاش و تضع حدا للتكهنات و القراءات و المقارنات، فالمواطنون و منذ شهور و هم يتداولون في وضعية المجلس و المخارج الممكنة بناء على تجارب مجالس سابقة كحالتي طنجة تطوان الحسيمة و كلميم واد نون، اللتين انتهتا بتغيير الرئيسين، لكن في جهة درعة تافيلالت كان القرار مختلفا، فتم الإحتفاظ بالرئيس في حدود الصلاحيات التي تخولها له المادة 206، أي « القيام بتحصيل المداخيل و الالتزام بنفقات التسيير و تصفيتها و الأمر بصرفها في حدود الاعتمادات المقيدة برسم آخر ميزانية تم التأشير عليها » و هي هنا ميزانية 2019 .
و السؤال المطروح اليوم : ماذا بعد ؟ و ما سيكون موقف المعارضة التي صارت تضم قسطا من الأغلبية السابقة، و ما موقف الرئيس و من بقي معه ؟
سبق للمعارضة أن عقدت لقاء تواصليا يوم السبت 18 يناير 2019، كان إضافة كمية وضحت فيه أسباب لجوئها للبلوكاج و خروج جزء منها من جبة الشوباني، و صارت الحاجة ماسة اليوم، بعد تفعيل المادة 206 للقاء جديد تبين فيه هذه المعارضة التي تجاوزت النصف مواقفها من قرار وزارة الداخلية التي آثرت في حالة جهة درعة تافيلالت ” مسك العصا من الوسط ” ولم تلجأ لما تواتر عنها، و ما صار بفعل التكرار عرفا في جهتي طنجة تطوان الحسيمة و كلميم واد نون، و كذا لتقدم جوابا على انتظارات المواطنين في شأن ميزانية التسييير التي تناهز 9 ملاييير سنتيم، فكيف ستصرف في ظل الاصطفاف الجديد، هل ستكون تحت تصرف الرئيس أم سيخضع فيها لإملاءات الأغلبية المعارضة ؟ و هل تمتلك المعارضة الآليات و الكفاءات لبلوغ مراميها و أهدافها ؟ أم أن الرئيس سيمرر ما شاء اعتمادا على سنده التنظيمي و الحكومي و موقع حزبه في الخارطة السياسية ؟
و في الجانب الآخر، فإن ما حصل يطرح تساؤلات عدة حول موقف الشوباني من الزاوية الضيقة التي حشره فيها قرار وزارة الداخلية، فهل سيعتبره قرارا حكوميا لحكومة يسيرها حزبه و بالتالي يجب عليه الانضباط، و الانحناء ؟ أم سيلجأ للفصل بين قرار وزاري و موقف حكومي، فحزب العدالة و التنمية دأب منذ ولايتيه الحكوميتين على اعتبار وزارة الداخلية و مصالحها الخارجية جزيرة منفصلة، إن لن نقل مناوئة للقرارات و المواقف التي تخلط بين التدبير الحكومي و السياسي وفق مقاربات معينة لا تعد مشتركا في التدبير العام بين مختلف الفرقاء، فهل يعد تفعيل المادة 206 حلا وسطا بين الحكومة، أو بعبارة أدق بين مؤسسة رئاسة الحكومة و وزارة الداخلية ؟
و مهما يكن من أمر و كيفما كانت القراءات و الاستنتاجات، فإنه تبين أن الحبيب شوباني قد قدم ” عربون ” انضباطه و قبوله بهذا «الحل الوسط» و تجلى ذلك في رده على لقاء المعارضة التواصلي، ففي الحلقات الثلاث المنشورة لحد الساعة على صفحته بالفايسبوك، كان رده متزنا انتقد بشراسة معارضيه، لكنه تحاشى سلطة الرقابة فلم يتطرق لها اطلاقا لا لوما واضحا و لا مدحا ضمنيا و لا إشارات تقرأ ما بين السطور .. فهل توافق الجميع على أن تمشي جهة درعة تافيلالت ” عرجاء ” إلى حدود 2021 ؟ و الأهم هل ستستخلص (مبني للمجهول) الدروس و العبر من حادثة البلوكاج بعد هذا التاريخ ؟ و هل اقتنع الجميع أن التنمية ليست برامج و ميزانيات فقط، بل هي في الانتخابات الجهوية، و في درعة تافيلالت بالخصوص توازنات حققتها جهة درعة تافيلالت لجهات أخرى و لم تحققها لنفسها ! توازنات لا يعتبر الناخب هو المسؤول عنها مادامت نتائج الصناديق كانت مبلقنة منحت حرية كبيرة في التصرف للفاعل السياسي في مختلف المواقع… لكنه كان في « حالة شرود » فلم يستشعر “الخلل” إلا على بعد شهور من نهاية الولاية … فهل سيصلح الدهر ما أفسده العطار ؟