تُشكّل الدراما جزءًا أساسيًا من الثقافة الشعبية، حيث تعكس قيم المجتمع وتوجهاته الفكرية. في المغرب، تهيمن الأعمال التي تركز على البطولات والتاريخ العسكري، مع غياب ملحوظ للشخصيات العلمية والفلسفية مثل ابن سينا، ابن رشد، وابن خلدون.
هذا التوجه يثير تساؤلات حول تأثيره على التفكير الجمعي للمجتمع المغربي.
تسعى الإنتاجات الدرامية المغربية إلى جذب أكبر عدد من المشاهدين، مما يدفعها إلى التركيز على القصص المثيرة والتشويقية. هذا التوجه يتماشى مع ثقافة تفضل التسلية على المحتوى الفكري العميق. كما أشار أحد النقاد إلى أن “الإنتاجات التلفزية في رمضان هي مجرد ثرثرة وإعادة اجترار للحاضر اليومي”.
هذا التركيز على المحتوى الترفيهي قد يؤدي إلى تعزيز التفكير السطحي وتقليل الاهتمام بالقضايا الفكرية والثقافية. كما أن تمجيد الشخصيات المرتبطة بالعنف والقتال قد يرسخ قيمًا قد لا تكون مفيدة للمجتمع على المدى الطويل.
تقديم أعمال درامية تتناول شخصيات علمية وفلسفية يتطلب جهدًا بحثيًا وإبداعيًا أكبر. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الجمهور المستهدف أقل عددًا مقارنة بالأعمال التي تعتمد على الإثارة والتشويق. كما أشار مقال في “هسبريس” إلى أن “الدراما المغربية تفتقر إلى الإبداع الثقافي والأدبي الذي يستحضر التاريخ والمجتمع في تآلفاته وتناقضاته”.
تساهم وسائل الإعلام في تشكيل صورة نمطية عن الشخصيات والمناطق. على سبيل المثال، غالبًا ما تُعرض الشخصية القروية بصورة سلبية، مما يعزز التصورات الخاطئة عنها. كما أورد موقع “العمق المغربي” أن “الدراسة هدفت إلى تحديد أشكال التدخل والسياسات المطلوبة محليًا لمعالجة الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام المرئية”.
من المهم إيجاد توازن بين تقديم محتوى ترفيهي يجذب الجمهور ويحقق نسب مشاهدة عالية، وبين محتوى يساهم في تثقيف المجتمع وتعريفه بشخصياته التاريخية والثقافية. هذا التوازن يمكن أن يُسهم في تعزيز التفكير النقدي والوعي الثقافي بين أفراد المجتمع.
إن غياب الشخصيات العلمية والفلسفية في الدراما المغربية يُعَدُّ مؤشرًا على توجهات ثقافية قد تحد من تطور الفكر الجمعي. لذا، يجب على المنتجين والمبدعين التفكير في كيفية دمج هذه الشخصيات في أعمالهم، مع مراعاة اهتمامات الجمهور وتقديمها بطريقة جذابة ومؤثرة. هذا التوجه قد يُسهم في إثراء المحتوى الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية.