الحدث بريس : جمال بوالحق
استغرب نقابيون ينشطون في مجال الصحة،ممّا ورد في مضمون الخرجة الإعلامية الأخيرة لمندوبة القطاع بإقليم مديونة، التي وصفوها بأنها مليئة بالمغالطات والادعاءات الباطلة، وجاءت كرد فعل على الوقفة الاحتجاجية، التي قاموا بها الأسبوع الماضي ؛ بسبب ما “اعتبروه” سوء تدبير للقطاع من طرف المندوبة، أدّى إلى تراجع وصفوه ب “الخطير” في الخدمات الطبية المقدمة للسكان. ونفى النقابيون جملة وتفصيلا ما ورد في مضمون تصريحات المندوبة وما جاء في بيانها التوضيحي بخصوص علاقتها الجيّدة بالأطر الطبية وحسن تدبيرها للقطاع.
فقد نفت النقابة وجود هذه العلاقة في ظل ما “اعتبروه” غياب أي تواصل مابين المندوبة ومهنيي القطاع ودليلهم في ذلك ، وجود عدّة مراسلات بخصوص الحوار الاجتماعي موجهة إلى المندوبة بتواريخ مختلفة، سواء من طرف النقابيين، أو من طرف المديرة الجهوية؛ من أجل تنفيذ النقط المدرجة في الملف المطلبي، التي تمّ الاتفاق عليها، لكن من غير العمل على تنفيذها، تتوفر الجريدة على نسخة منها.
وأعطى النقابيون نموذجا آخر لسوء العلاقة، مابين المندوبة وشغيلة القطاع، وذلك بذكر واقعة إغلاق حساب مسؤول إداري، من نظام التدبير المندمج للنفقات؛ بسبب تعاونه مع المفتش الجهوي، الذي زار المندوبية يوم 16 أكتوبر 2019م وقد أرسل تظلما بهذا الخصوص إلى المديرة الجهوية، تتوفر الجريدة على نسخة منه .
وأكدّ النقابيون على أن هذه الأخيرة، مستاءة من المندوبة، وراسلتها بخصوص عدم تفعيلها لمذكرة انتقال أحد العاملين في القطاع، وعدم تحرير محضر توقفه عن العمل، الشيء الذي اعتبرته المديرة بأنّه سُلوك غير مقبول، وسيؤدي لمساءلة المندوبة تأديبيا.
وأشارت المديرة الجهوية في هذا الشأن، بأن المندوبة لها سوابق في عدم تطبيق المذكرات التي ترسلها لها، واصفة ذلك بأنه تمادي في تصرف غير إداري، وتحدّ للقرارات والصلاحيات المفوضة من طرف الوزير، إلى المديرية الجهوية، تتوفر الجريدة على نسخة من هذه المراسلة.
وتوصلت الجريدة بنسخة متعلقة بتظلم موظفي المصلحة الإدارية والاقتصادية، موجهة لوزير الصحة، صادرة بتاريخ 23 أكتوبر 2019م بسبب ما “اعتبروه” تصرفات لا إدارية ولا أخلاقية للمندوبة الإقليمية للصحة، موقعة من طرف ثمانية موظفين؛ بسبب عدم احترامها للتسلسل الإداري وذلك بإصدار أوامرها مباشرة إلى موظفي المصلحة الإدارية والاقتصادية، من غير علم ولا احترام رئيسة المصلحة الإدارية .
وأكدّ الموظفون في مستهل تظلمهم، على أنّهم يتعرضون لإهانات متتالية، وتهديدات متنوعة وأعطواْ مثالا على ذلك بتهديدها لموظف مسؤول عن الصيانة والمعدات. وأشاروا على أنه يتم تهديدهم بالتنقيلات التعسفية والمتابعات التأديبية واستعمالها لأسلوب الأمر والنهي في تعاملها مع الموظفين.
وبخصوص رئيسة المصلحة الإدارية والاقتصادية، المنتقلة حديثا من مندوبية مديونة إلى مندوبية بن مسيك والتي قالت المندوبة: على أن عملية انتقالها، جاءت بطلب من المعنية بالأمر، التي اتخذت هذه الخطوة لأغراض شخصية وعائلية وليس بسبب شطط المندوبة وأدلت هذه الأخيرة بمكتوب بهذا الخصوص، مُوقّع من طرف رئيسة المصلحة المذكورة. هاته الأخيرة، قامت بعد ذلك بمراسلة المديرة الجهوية، ببيان توضيحي حول حيثيات الموضوع، أكدّت فيه على أنّها أُجْبرَت على توقيع ذلك المكتوب بإيعاز من المندوبة وخوفا من تعنتها وامتناعها السماح لها بالانتقال، مثلما سبق لها رفض انتقال العديد من الحالات مشيرة في ذات السياق، على أنّها أُرْغمَت وتحت ضغط ومساومة “اعتبرتها” بالرخيصة على توقيع تلك المراسلة، التي تحدّد طبيعة الانتقال، وبرهنت على ذلك بحضورها لفعاليات الوقفة الاحتجاجية، التي نظمها المهنيون ب”تيط مليل” أمام مقر المندوبية بتاريخ 16 يناير من الشهر الحالي.
ويُعاني المستشفى ،حسب مصدر نقابي مطلع، من مشكل الأشعة، فقد سبق تجميد العمل بمصلحة الأشعة بتاريخ 2 دجنبر 2019م بسبب غياب معايير الحماية، من خطر الأشعة والذي من شأنه أنْ يُعرّض حياة العاملين والنساء الحوامل والأطفال للخطر، ويحتاج لاستكمال التجهيزات الخاصة بقاعة العمليات لتكون وفق المعايير المطلوبة؛ من أجل الاستجابة لكافة العمليات القيصرية، التي تهمّ النساء الحوامل، حيث مازال الإقليم يرسل حالات الولادة المستعصية، على مستشفى بنمسيك ومولاي رشيد.
وبخصوص مدير المستشفى السابق الدكتور سمير النية، فالنقابيون يؤكدون على أنّ استقالته لم تكن بمحض إرادته، كما تُروج لذلك المندوبة، وإنّما جاءت بسبب افتتاح المندوبة لوحدة طب الأطفال بمستشفى مديونة، أثناء وجوده في فترة إجازة، من غير توفير المستلزمات الضرورية، ولا استشارة المهنيين؛ لذلك اعتبر المدير ذلك، بأنه سابق لأوانه، في ظل افتقاد المستشفى لميزانية التسيير السنوية، وغياب العديد من المقومات الأساسية. وقد خلق قرار افتتاح هذه الوحدة احتقانا لدى الشغيلة، انبثق عنه لقاء مستعجل دعا إليه المكتب الإقليمي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، عبّروا من خلاله عن رفضهم المطلق لافتتاح وحدة طب الأطفال، من غير توفير الآليات الضرورية. وقد دفع المدير ضريبة صراحته، فبدأت مضايقات المندوبة له بانتقاده، وتدخلها في عمله داخل المستشفى بطريقة وصفها النقابيون ب “الاستفزازية” وخارج كل الضوابط القانونية، كان من تداعياتها تقديمه لاستقالته لإكراهات مهنية، كما جاء في محتوى استقالته، التي تتوفر الجريدة على نسخة منها.
وردّا على اتهامه من طرف المندوبة بعرقلة ما “اعتبرته” مسيرتها التنموية خدمة لأجندة نقابية، توجد خارج الإقليم، اعتبر الكاتب الإقليمي للكنفدرالية للشغل بمديونة،وعضو المكتب الوطني لنفس النقابة، الدكتور أمين قفساوي،على أن المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للصحة، المرتبط عضويا بالكونفدرالية الديموقراطية للشغل، يتخذ قراراته و مختلف أشكاله النضالية بشكل ديموقراطي ومستقل، تُمْليه عليه في ذلك، أخلاقياته و أدبياته، التي يستمدها من فكره الكونفدرالي،الذي يتمحور حول تحسين ظروف عمل الشغيلة الصحية؛ من أجل عرض صحي، يليق بساكنة مديونة بعيدا عن الاستهلاك الإعلامي والمزايدات الشعبوية و السياسوية الضيقة، التي تنتهجها بعض الجهات الغير المسؤولة و التي تفتقد إلى أبسط أدوات التسيير و التدبير و التواصل .
وأضاف الكاتب الإقليمي لذات النقابة، على أنّ المنظومة الصحية بإقليم مديونة، منظومة معطوبة وتشكو من اختلالات بنيوية عميقة؛ نتيجةً للتهميش الذي يعيشه قطاع الصحة إقليميا والعشوائية التي تطبع تسييره، وتطال طرق تدبيره من طرف المندوبة الإقليمية، التي أبانت عن محدوديتها في تسيير قطاع اجتماعي حيوي بامتياز. وبدلا من حلّ المشاكل العالقة في قطاع الصحة بالإقليم انشغلت عن ذلك ، بتشويشها على المناضلين والتحريض ضد الأطر الصحية، ونشر المغالطات حولهم والترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أمّا فيما يخص الميزانية- فقد أشارت مصادر جد مطلعة- على أن المستشفى الإقليمي توصل بشكل متأخر بالميزانية المتعلقة بالتسيير، في أواخر سنة 2019م ،والتي رغم قلتها ثمّ إثقال كاهلها، بالمصاريف المتعلقة بمستشفى “تيط مليل” ،بعدما كان تابعا لمستشفى البرنوصي، ممّا أدى إلى التأخر الكبير في تدبير حاجيات المستشفى من المستلزمات الطبية، وعدم تجهيز مجموعة من المصالح التشخيصية كطب العيون والأنف والحنجرة والجهاز الهضمي والعظام والمفاصل، وكذلك التأخر في صرف مستحقات الحراسة والإلزامية ،خصوصا مستشفى الرازي بتيط مليل. وأضافت نفس المصادر على أن ميزانية التسيير لسنة 2019م بخصوص المستشفى الإقليمي، بلغت 600 مليون سنتيم لم يتم التوصل بها كاملة لحدود الآن، بينما ميزانية التسيير لسنة 2020م ستصل إلى 800 مليون سنتيم .