يشهد السوق المغربي في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، وأصبح المواطن يعاني من تأثير هذه الزيادة على قدرته الشرائية. ومن أبرز الأسباب التي تساهم في هذا الارتفاع هي ممارسات المضاربين أو ما يُعرف بالشناقة، الذين يستغلون ضعف الرقابة وتذبذب العرض لتحقيق أرباح غير مبررة على حساب المستهلك.
على سبيل المثال، في حالة البصل، يتراوح سعر هذا المنتج الحيوي بين 4 دراهم ونصف و5 دراهم في المزارع حاليا، لكن عند وصوله إلى الأسواق، يرتفع السعر بشكل ملحوظ إلى ما يزيد عن 10 و 12 درهما للكيلوغرام في بعض الأحيان. وهذا يوضح كيف يمكن أن تساهم ممارسات المضاربين في رفع الأسعار دون وجود سبب مباشر يتعلق بتكاليف الإنتاج أو نقص المعروض.
تستغل هذه الفئة من الوسطاء تذبذب السوق والتغيرات العرضية مثل نقص الإنتاج أو الأزمات المناخية، لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وهو ما يجعل المواطن البسيط ضحية لهذه الممارسات. فبينما يحقق المنتجون في المزارع أرباحًا معقولة، يتمكن المضاربون من تحويل هذه الأرباح إلى فوائد ضخمة، مع زيادة كبيرة في الأسعار التي يدفعها المستهلك.
واحدة من الأسباب الرئيسية لتمكن الشناقة من ممارسة هذه الأنشطة دون رادع هي ضعف الرقابة في السوق. فغياب التشريعات الفعّالة وغياب الشفافية في التعاملات التجارية يسهل على هؤلاء المضاربين التحكم في الأسعار كما يشاؤون. بالإضافة إلى ذلك، يعمل بعض هؤلاء على تشكيل شبكات احتكارية، مما يؤدي إلى تحديد أسعار غير عادلة تؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطن.
إن الحلول لمكافحة هذه الظاهرة تكمن في تعزيز الرقابة الحكومية على الأسواق، وتشجيع الشفافية في الأسعار، وتنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين بشكل أكثر مباشرة. يجب أن تكون هناك سياسات تحفيزية لتشجيع المنافسة في السوق، بما في ذلك دعم المزارعين المحليين وتسهيل وصولهم إلى الأسواق، وبالتالي تقليل دور الوسطاء الذين لا يقدمون قيمة مضافة حقيقية.
إن القضاء على ممارسات المضاربين “الشناقة” يتطلب تعاونًا بين مختلف الأطراف المعنية، من السلطات المحلية إلى الجمعيات المهنية، مرورًا بالمنظمات التي تدافع عن حقوق المستهلكين. فالحد من هذه الممارسات سيؤدي إلى تقليل الضغط على الأسعار وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن المغربي، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.