الحدث بريس : متابعة
لعل الكثير من المهتمين بالتراث الشعبي للمنطقة عرض لمفهوم الحلي كموروث داخل منظومة الثقافة المحلية ، واعتبره من الزاوية التي ينظر اليها أغلب العامة كمركز العائلة الاجتماعي، أو مكانة الرجل داخل القبيلة قياسا على مستويات الاغتناء في إظهاروابرازالتفاوت الفئوي ، أو من باب زينة المرأة واستعراضها للحلي كطرف موازن للحسن و الجمال ، أو حتى للتبرج والأبهة في بعض الأحيان، إلا أن للحلي مفاهيم اخرى ذات دلالة متميزة تختلف فيها كل قطعه عن الأخرى، حسب ملابسات ومعايير متعددة ومختلفة، سوف نعرض لها في هذه القراءة الموجزة …
يتكون “السالف” : من قطع فضية عددها أربعين، ويكون على شكل قروش مدورة ومقعرة يمسكها خيط مصنوع لهذا الغرض بطريقة محكمة، وتوضع على الرأس لمدة زمنية معينه تكون فيها المرأة على نفاس، وهوكذلك ما يعرف ب” أزاك”عند البعض ،و هو دائما من فضة على شكل أفعى يوضع فوق الرأس عندما تلد المرأة ذكرا بالخصوص، ومن الضروري أن تبقيه على رأسها لمدة أربعين يوما .كيفما كان الحال كتاج يقصد به الإشارة إلى فترة النقاهة ، بحيث تكون المرأة معفية من جميع الأشغال والمتاعب، حتى تسترجع قواها وتعود لطبيعتها.
وتعتبر”تسغناس وإحوريين وتاسديت وإسنسر والخلاخل والحلقات وكيلو ” من الحلي العادية التي تستعملها الشابات المقبلات على الزواج، خاصة في المناسبات العادية ،كما تضعها المتزوجات عند رغبتهن في إبداء زينتهن ، وغالبا ما تكون محشوة بقروش من نوع “الحسني” “والحفيظي” و”العزيزي” وهي تسميات لعملات نقدية كانت تستعمل في عهد السلاطين:مولاي الحسن الأول ،ومولاي عبدالحفيظ، ومولاي عبد العزيزالعلويين ، وهي من النقرة الخالصة، بينما تعد “الطوابع” الفضية والقلادة المتميزة (تازرة) المصنوعة من اللبان الحر على شكل كويرات تبتدئ من الحجم الصغيريمينا وشمالا ، لتنتهي بحجمها الكبيرفي وسط الصدر. وتختلف من امرأة الى أخرى في عدد الحبات وجودتها حسب درجة الغنى والتي غالبا ما تحسب على حالة الزوج المادية و سخائه ازاء الزوجة او أهل الدار عموما، شكلها في ذلك شكل الدملج أو الدبليج الفضي المتنوع(أزبي) حيث نجد منه الثقيل و الخفيف على شكل تاج ثمثال الحرية، يفصل بينها ” الوماظ” تفاديا للاحتكاك و إحداث الصوت،أو إيذاء اليدين.
اما الخاتم و المتداول بكثرة فالبرغم من قيمته التاريخية و الانسانية حيث كان يعتبر رمزا و حصنا للشخص المتزوج رجلا كان أو امرأة فقد فقد الكثير من دلالاته اذ اصبح في وقتنا الحالي متداولا بين كافة شرائح المجتمع المختلفة،وتبقى كل هذه الحلي الثمينة في ملكية الرجل مهما كان الحال ، ولا يحق للمرأة ان تتصرف فيها عن هواها دون إذن من صاحبها .
ويعتبر “موزون” و” العقيق” وهو أقل الحلي ثمنا، في متناول العموم ، ويستعمل غالبا لتزيين بعض الملابس والأغطية الرأسية مثل “السبنيات” أو أغطية الجسد مثل ” تاحرويت” في الجنوب الشرقي أو “تابيزارت” عند نساء الأطلس المتوسط و الوسائد وصهوات الجياد.
هكذا تختلف أنواع الحلي من منطقة إلى أخرى ، وتتنوع الدلالات والمفاهيم التي تكتسيها، وقد لفت انتباهنا هذا الإرث الشعبي ، في انتظار جديد تجود به القريحة وتمليه ظروف النبش في أغوار الذاكرة الشعبية المليئة بعجيب الأمور !