الحدث بريس : أ.ف.ب
صار نصف سكان العالم خاضعين لإجراءات عزل الخميس لحماية أنفسهم من التفشي “المطرد” لفيروس كورونا المستجد الذي أصاب حتى اليوم ما يقارب المليون شخص وحصد أرواح حوالى 48 ألف شخص.
وبات أكثر من 3,9 مليار شخص مدعوين إلى البقاء في منازلهم أو مرغمين على ذلك في سياق السياسات الهادفة إلى مكافحة تفشي كوفيد-19، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس الخميس.
وتعني هذه الإجراءات التي تتراوح بين العزل الإجباري أو الموصى به وبين حظر التجوال والحجر، أكثر من 90 دولة ومنطقة.
وتسبب الفيروس، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى الأرقام الرسمية التي تصدر في الدول المختلفة، بوفاة 47993 شخصا على الأقل في العالم منذ ظهوره في الصين في كانون الأول/ديسمبر.
وتم تسجيل أكثر من 944030 حالة رسميا في 187 بلدا منذ بدء تفشي الوباء. وهذا الرقم لا يعكس سوى جزء من الواقع، إذ إن عددا كبيرا من الدول لا يجري فحوصات إلا للمصابين الذين تستوجب حالتهم علاجا في المستشفيات.
وسجّلت اكثر من 500 ألف إصابة في أوروبا، القارة الأكثر تأثراً بالفيروس، في وقت تزداد الإصابات في الولايات المتحدة (215 ألفا) ويبدو أنّ البلاد تتحوّل تدريجاً إلى المركز الجديد للوباء.
ومثّلت وفاة رضيع في ولاية كونيتيكت الأميركية صدمة، في ظل الاعتقاد السائد بأن الأطفال خارج دائرة الخطر نسبياً.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمر صحافي “سنمر بأسبوعين أليمين جداً جداً”.
وبحسب تقديرات البيت الأبيض، قد يودي كوفيد-19 بحياة ما بين بين مئة ألف و240 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وعبّر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي عبر الانترنت، عن “القلق العميق” إزاء “النمو المطرد” لعدد الإصابات والوفيات. وقال “علينا أن نتحد لمكافحة هذا الفيروس الخطير”.
وبرغم إجراءات العزل التي باتت تشمل نصف سكان العالم، تواصل أعداد الإصابات والوفيات ارتفاعها: بلغ عدد الوفيات نحو 13 ألف في إيطاليا، ونحو 10 آلاف في اسبانيا، وأكثر من خمسة آلاف في الولايات المتحدة وأربعة آلاف في فرنسا.
– حصيلة قياسية جديدة في إسبانيا –
وتخطت حصائل الوفيات في كل من هذه الدول الأربع الحصيلة الرسمية في الصين (3318)، حيث كان الفيروس بدأ انتشاره.
غير أنّ الأرقام الصينية تثير الشكوك. وأفاد تقرير سرّي للاستخبارات الأميركية تناوله عدد من البرلمانيين الأميركيين أنّ بكين كذبت وخفضت الحصيلة.
وقال النائب وليام تيمونز إنّ “الاستخبارات الأميركية أكدت ما نعرفه أساسا: الصين أخفت خطورة الفيروس لأشهر”، معتبرا أنّ “العالم يدفع اليوم ثمن خطأ الصينيين”.
وردّت بكين بأنّ “أفعال وتصرفات بعض السياسيين الأميركيين معيبة وتفتقر إلى الأخلاقيات”، لافتة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية تدعم المعطيات الصينية.
وصارت الصين في صلب جدال آخر الخميس، بعدما سمحت باستخدام دواء يستند في تكوينه إلى العصارة الصفراء لكبد الدب، في سياق علاج المصابين بكوفيد-19.
في أوروبا، أودى الوباء بحياة أكثر من ألف شخص في بلجيكا التي شهدت تضاعفاً لعدد الوفيات في غضون ثلاثة أيام، خصوصاً بسبب احتساب وفيات سجلت في دور للمتقاعدين.
غير أنّ العدد الاكبر للوفيات في القارة لا يزال في إسبانيا حيث أعلِن الخميس وفاة 950 مصابا في 24 ساعة، في حصيلة قياسية جديدة. ويخشى هذا البلد أن يتجاوز عدد المصابين قدرات وحدات العناية المركزة التي تعمل حاليا بأقصى طاقتها.
وقال الممرض في مدريد غيين ديل باريو “ليس هناك عدد كاف من تجهيزات الوقاية (…) وعدد الأسرة يبقى غير كاف أيضاً”.
– خيار الاقتصاد أو الصحة –
وكانت السلطات المحلية تلقت في شهر آذار/مارس أكثر من 300 ألف طلب لباحثين عن عمل على خلفية “الأثر الاستثنائي” للأزمة الصحية، وفق وزير العمل الإسباني.
في إيطاليا، يبدي الجسم الطبي القلق حيال الذين يتعافون ويغادرون المستشفى فور تخطيهم مراحل الخطر مع أنهم لا يزالون حاملين للعدوى.
وقالت رئيسة جمعية أمراض الشيخوخة الإيطالية رافايلي انطونيلي إينكالتسي “في حرب كهذه، لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بظهور بؤر جديدة للعدوى يمكن أن تحوّل مراكز الشفاء الى +قنابل فيروسية+ تنشر الفيروس”.
وتخضع الحكومة الإيطالية أيضاً إلى الضغط بغية رفع الإجراءات التقييدية وإنعاش النشاط الاقتصادي المتراجع.
ونقلت صحيفة “فاتو كوتيديانو” عن الخبير الأميركي بول رومر أنّ “الأمر مروع حين نخضع لاختبار الاختيار بين تعليق الاقتصاد ونشاطاته وبين تعريض أرواح العديدين إلى الخطر”.
وأضاف الخبير الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد في 2018، أنّ الحكومة في حاجة إلى “خطة ذات مصداقية من أجل إنهاء العزل سريعاً، وسط توفير السلامة إلى الموظفين حتى ولو كان الفيروس لا يزال حاضراً”.
وسجّلت أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي أكثر من 20 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد الأربعاء، أي ضعف الحالات المسجّلة قبل خمسة أيام، وفق تعداد لوكالة فرانس برس.
في إيران، أعلنت السلطات الخميس ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 3160 شخصاً، في وقت حذر الرئيس حسن روحاني أن مواجهة الأزمة في البلاد قد تستغرق أشهرا طويلة.
مساء، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني إصابة رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني بالفيروس، لينضم بذلك إلى قائمة مسؤولي الجمهورية الإسلامية المصابين به.
في موسكو، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين شهر نيسان/أبريل عطلة مدفوعة الراتب في روسيا، وذلك لإبطاء تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفرضت السعودية الخميس حظر تجوال كامل في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة اللتين عادة ما يزورهما ملايين المسلمين لأداء مناسك الحج والعمرة.
– سلوكيات غير مسؤولة –
وفي غياب لقاحات وعلاج، يشكل العزل الوسيلة الأكثر فاعلية لمكافحة انتشار العدوى. وفرضت هذا الإجراء الأربعاء ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة ودولتا أريتريا وسيراليون، بينما أعلنت ألمانيا وإيطاليا والبرتغال تمديده.
ويمثّل ذلك تحدياً هائلاً أمام الدول الفقيرة، ولكنّه لم يمنع الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي من أن يطلب الخميس من القوات الأمنية استهداف أي شخص يتسبب ب”اضطرابات” في المناطق الخاضعة إلى العزل.
وتبرز بين الإشكالات التي تطرحها إجراءات العزل، عدم توفيرها الحماية إلى بعض القطاعات التي لا يزال أفرادها معرّضين إلى خطر الإصابة، على غرار عمّال المتاجر الغذائية.
وقالت بياترا لفرانس برس، وهي أمينة صندوق في متجر بمدينة نوفار الواقعة غرب ميلان في إيطاليا، إنّ الصدمة تنبعث جراء السلوكيات غير المسؤولة لبعض الزبائن الذين يأتون برفقة عائلاتهم أويقتربون كثيراً من الموظفين… فضلا عمّن يبللون أصابعهم بالريق من أجل احتساب النقود.