وتميز حفل افتتاح الدورة الذي أقيم بموقع (باب الماكينة) التاريخي، بعرض فني حمل عنوان “الروح فوق الماء”، سافر بالحضور في رحلة شعرية انطلقت من نافورات فاس، التحف المعمارية التي يتدفق منها الماء، لتمضي من الينابيع الجبلية وصولا إلى المحيط.
ويتعلق الأمر برحلة تتناول أساطير مختلفة تستحضر في كافة محاورها الماء، الذي إن كان يهب الحياة، فإنه قد ينزعها أيضا، بدء من طوفان الأزمنة الميثولوجية إلى الفيضانات المهولة التي يشهدها كوكب الأرض في العصر الحديث.
ولامس العرض موضوع الماء في شقيه الإيكولوجي والروحي، حيث تطرق إلى سقايات فاس ونافوراتها وشلالات الأمازون ورمزية الماء في الطبيعة منذ بداياتها الأولى وفي التراث الشفهي القديم (الكلام الأمازيغي) بمرتفعات الأطلس والكناري، وإحالته في سفينة نوح والطوفان أو واحات الصحراء المحتفى بها في الشعر الصوفي، لتكون أمسية الافتتاح أصدق تعبير عن شعار الدورة ال 23 الملتزم باحترام البيئة بإضفاء الطابع الروحي على جوهرها الطبيعي.
وكان عرض “الروح فوق الماء” المستلهم من أغنية أسطورية لبوب ديلن، الذي أبدعه المدير الفني ألان ويبر وأخرجه موسيقيا الملحن والمايسترو رمزي أبو رضوان، عملا فنيا راقيا أثثه موسيقيون وفنانون قدموا من مختلف بلدان العالم أبدعوا من أجل الماء.
ومن بين أبرز الأسماء المؤثثة لهذا العرض الذي وظفت فيه عناصر الحكي، مارلوي ميراندا وهي مغنية ذائعة الصيت بالبرازيل، والمطربة فاتن هلال بك (المغرب)، والموسيقار الفلسطيني الكبير رمزي أبو رضوان، والمبدعان الفرنسيان جيرارد بوشو وفرانك مارتي، فضلا عن الفنانة المغربية زينب أفيلال.
وستكون دورة 2017 فرصة لاستشكاف رمزية الماء، ولتوجيه رسالة للعالم تحث على التصالح مع البيئة والتعبئة من أجل مستقبل الأجيال اللاحقة ومستقبل الكون.
وتحفل الدورة بفقرات تتغنى بالطبيعة حيثما كانت من بينها سمفونية “فلامنكا بويتا” يقدمها عازف القيثارة الشهير فيسانت أميغو، وعروض موسيقية لفنانين من جزر اليابان، وكذا عروض تتغنى بالأنهار الكبيرة في العالم، كدعوة من أجل حمايتها.
وبعد أن كانت الهند ضيفة شرف الدورة السابقة من المهرجان، ستكون الصين ضيفة شرف الدورة ال23 لإبراز التراث الفني الغني والمتنوع لهذا البلد الآسيوي عبر وصلات غنائية وموسيقية ورقصات تعبيرية لمجموعة من كبار فنانيه.
وحسب المنظمين، فإن اختيار الصين “ضيف شرف الدورة” نابع من كون الصينيين من بين الشعوب الأكثر تعلقا بعاداتها وتقاليدها وتاريخها.
وينشط الفقرات الفنية للدورة فنانون عالميون أبرزهم مارك فيلا من فرنسا (يوم 13 ماي)، وإيريك بيب – الولايات المتحدة (15 ماي)، وتازيري-فرنسا (16 ماي)، وياسمين حمدان- لبنان (17 ماي)، قبل أن تختتم الدورة يوم 20 ماي بسهرة تحييها الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.
وتشمل الدورة جانبا فكريا من خلال (منتدى فاس) من 13 إلى 15 ماي يبحث المفكرون والأدباء المشاركون فيه مواضيع منها “البعد العالمي لإشكاليات الماء”، و”الماء في ظل متطلبات توصيات كوب 22″، و”الأبعاد الروحية والدينية للماء”.
وعلى غرار الدورات السابقة، يمنح مهرجان الموسيقى العالمية العريقة الفرصة لتعبيرات موسيقية من مختلف تقاليد وثقافات العالم، ولعروض فنية مجانية مفتوحة في وجه العموم وأمسيات صوفية وكذا فقرات فكرية وبيداغوجية.
وسيرا على عادة المهرجان في تقاسم الفن والتجارب ونهجه في فتح الباب أمام فنانين مغاربة، سيكون الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي حاضرا في دورة هذه السنة إلى جانب نزار إديل ومجموعة (فناير) وسعيد الغيسي وعصام كمال وإيمان قرقيبو وحميد القصري وأحوزار وسي مهدي.
وتتوزع فقرات الدورة التي تنظمها (مؤسسة روح فاس)، بين فضاءات باب الماكينة، وجنان السبيل، ورياض دار بنسودة، وسينما بوجلود، ودار عديل، وقاعة العمالة، والمركب الثقافي سيدي محمد بن يوسف، ودار البطحاء، وقصر الجامعي.
واعتبارا لبعده الفني والروحي منذ تأسيسه سنة 1994، صنفت الأمم المتحدة مهرجان فاس للموسيقى العالمية الروحية منذ سنة 2001، ضمن التظاهرات المتميزة المساهمة في حوار الحضارات.
وكانت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى قد استعرضت لدى وصولها إلى مكان الحفل تشكيلة من القوات المساعدة التي أدت التحية، قبل أن يتقدم للسلام على سموها السادة عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية ومحمد الاعرج وزير الثقافة والاتصال والسعيد زنيبر والي جهة فاس-مكناس عامل فاس، وامحند العنصر رئيس مجلس الجهة.
كما تقدم للسلام على صاحبة السمو الملكي رؤساء مجلس الجماعة الحضرية لفاس، ومجلس عمالة فاس، وبلدية المشور فاس-الجديد، و(مؤسسة روح فاس)، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة التنظيمية للدورة ال23 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.
وفي ختام هذا الحفل تقدم للسلام على صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى العديد من الفنانين الذي شاركوا في هذا الحفل الافتتاحي.