يعيش حزب العدالة والتنمية المغربي جدلا حزبيا حول تأجيل مؤتمره الوطني العادي، لمدة سنة، بعدما كان مقررا عقده نهاية العام الجاري.
وصادق المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية السبت الماضي بالأغلبية على تجديد أجل سنة لعقد المؤتمر الوطني العادي، الذي كان مقررا في دجنبر المقبل، قبل أن تقترح الأمانة العامة للحزب تأجيله بعد دعوتها إلى عقد مؤتمر استثنائي (نهاية الشهر الجاري) لانتخاب قيادة جديد.
واستقالت قيادة الحزب (الإسلامي) “تحملا للمسؤولية”، مباشرة بعد ظهور نتائج انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول الماضي، وأعلن الحزب الانتقال “إلى صفوف المعارضة”.
واعتبر حسن حمورو، عضو المجلس الوطني للحزب ورئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية، أن “مقترح تأجيل المؤتمر الوطني العادي للحزب لسنة، لا يسنده أي مقتضى قانوني في القوانين الداخلية للحزب”.
وأضاف حمورو “سألجأ إلى القضاء للمطالبة بإلغاء قرار تأجيل المؤتمر العادي لسنة، في حالة مصادقة المؤتمر الوطني الاستثنائي على ذلك السبت المقبل”.
وتابع: “التأجيل لسنة سيقيد صلاحيات واختصاصات القيادة الحزبية الجديدة، التي من المفترض أن تتمتع بكامل الشرعية والمشروعية، وسيكون أمامها أربع سنوات كأجل لعقد المؤتمر الوطني”.
ويرى حمورو أن “ما من شيء يلزم الحزب بتحديد موعد المؤتمر العادي، على اعتبار أن ذلك سيكون محاولة لخدش مشروعية القيادة الجديدة، التي سينتخبها المؤتمر الاستثنائي في 30 أكتوبرالجاري (..) وسيكون على هذه القيادة أن تُخرج الحزب من الوضع الراهن، عقب تراجع نتائجه، في انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول الماضي”.
وأضاف: “هذه المهمة تتطلب أن تُترك للقيادة الجديدة كل هوامش الاشتغال التي تتيحها قوانين الحزب، ولا نتصور إلا أنها ستعمل على وضع آلية التوافق وتوسيع الاستشارة لتدبير مرحلة الإنقاذ”.
بنكيران يتفاعل
وخرج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق (2011-2017) والأمين العام السابق ل “العدالة والتنمية”، الأحد، ليعلن موقفه من الجدل حول تأجيل المؤتمر العادي.
وقال بن كيران، في بيان كتبه بخط يده ووقعه ونشره في حسابه على “فيسبوك”، إنه “غير معني” بترشيحه لقيادة الحزب في مؤتمره الوطني الاستثنائي (30 أكتوبر)، في حال المصادقة على تحديد أجل سنة لعقد مؤتمره الوطني العادي.
وبقوة، يبرز اسم بنكيران (67 عاما) كمرشح لقيادة “العدالة والتنمية” مجددا، لكون الحزب تصدر الانتخابات عامي 2011 و2016، حين كان بنكيران يترأسه، قبل أن يتراجع بشدة وينتقل إلى مقاعد المعارضة في انتخابات 2021.
وفي 30 أكتوبر الجاري، سيصوّت المؤتمر الاستثنائي ل “العدالة والتنمية” على أنه في حال انتخاب قيادة جديدة للحزب في ذلك اليوم، فستقوده لمدة عام واحد وليس 4 أعوام كالمعتاد. وفي هذه الحالة لن يترشح بنكيران، كما قال في بيانه.
وأضاف بنكيران: “بعد اطلاعي على مصادقة المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) على مقترح الأمانة العامة المستقيلة بتجديد أجل سنة لعقد المؤتمر الوطني العادي، أعتبر نفسي غير معني بأي ترشيح لي إن صادق المؤتمر الاستثنائي على هذا المقترح”.
ومع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الوطني للحزب، والذي سيفرز قيادة جديدة له، ترجّح أصوات عدة عودة بنكيران، رئيس الحكومة السابق، لقيادة دفة الحزب.
“مع حساسية المرحلة التي يمر بها العدالة والتنمية يبقى بنكيران، الشخصية الأبرز القادرة على معالجة مكامن الخلل بالحزب، والعودة به إلى صدارة المشهد”، وفق الأكاديمي المغربي عبد الرحيم علام.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة “القاضي عياض” أن “بنكيران بما يتمتع به من شخصية كاريزمية وقدرات خطابية، قادر على لملمة شتات الحزب والخروج به من حالة التراجع التي يعيشها حاليا”.
وذهبت آمنة ماء العينين، عضو مكتب المجلس الوطني للعدالة والتنمية والبرلمانية السابقة، إلى القول إنه “لا يزال البعض من أبناء الحزب (دون تسميتهم)، مصرا على خنق ما تبقى من أنفاس حزب يعاني من الاختناق، بأيديهم حتى لا تقوم له قائمة”.
وتابعت ماء العينين في تدوينة على “فيسبوك”: “الكثيرون يصرّون على إحراق السفن قبل المغادرة، وهو أمر مستنكر ويستبطن الكثير من الأنانية، فيما يحتاج حزب يحتضر إلى كل ذوي النوايا الحسنة من بناته وأبنائه المخلصين”.
وتساءلت: “ما معنى استقالة قيادة ما زالت تدبر بكل ثقلها، بل وتضغط لفرض منظورها لتدبير المرحلة المقبلة (تقصد قرار تأجيل المؤتمر العادي لسنة)؟”.
وخلصت ماء العينين إلى أنه “قد يكون المؤتمر الاستثنائي آخر فرصة لحزب العدالة والتنمية، إما لمباشرة محاولة الإنقاذ وتجميع شتات المناضلات والمناضلين، وإما لدفن حزب حقيقي”.