لا يمكن فهم المواقف المخزية لعصابة العسكر الجزائري اتجاه المغرب بمبادئ المنطق والعقل، أو قواعد السياسة وأعراف الدبلوماسية، حيث تظل هذه القواعد والأعراف مشدوهة البال أمام تصرفات العسكر الرعناء، والذي يبدو أن لا مشجب له يعلق عليه فشله الذريع على جميع الأصعدة سوى مشجب المغرب العظيم، حتى صار أمام العالم مجرد نكتة تدعو للشفقة والاشمئزاز، أكثر مما تدعو للسخرية والتهكم.
لقد بات الإعلام الجزائري مزارا منتظما لصائدي النكت والطرائف، وعاشقي الهزل والسخرية، حيث يوفر لهم مادة دسمة ونادرة، يعسر الحصول عليها حتى في القنوات المتخصصة في هذا النوع من الترفيه والكوميديا؛ فالجراد الذي غزا إحدى المدن الجزائرية سماه أحد الإعلاميين الجزائريين بالجراد المغربي، وجفاف بعض الأراضي على الحدود المغربية الجزائرية أوزع سببه بعض الإعلاميين المحليين إلى إقامة المغرب بعض السدود في المنطقة؛ بل إن بعضهم اتهم المغرب بسرقة الرياح والشمس وحتى الهواء، باعتبار سياسة التشجير التي نهجها المغرب وكذا اعتماده على الطاقة البديلة بإنشائه أكبر محطة عالمية للطاقة الشمسية.
إن الاتهام الغريب الذي وجهه أحد المحسوبين على الصحافة الجزائرية للمغرب من كونه ضالعا في جريمة سوء أرضية ملعب “مصطفى تشاكر” الجزائري، يقدم تفسيرا واضحا عن اتهام المغرب بإشعال الحرائق في منطقة القبايل؛ فالقوم فقدوا بوصلة العقل وميزان اللباقة، وعادوا يهذون بالليل والنهار، كما عادت ألسنتهم لا تلهج إلا بذكر المغرب ومؤامراته “الخبيثة” ومحاولاته “الدنيئة” في زعزعة استقرار الجزائر.
لو كانت الجزائر ومصائبها، التي لا تتوقف ولا تنتهي، تشغل عشر معشار بال المغرب، لما بلغ عشر معشار المرتبة التي بلغها قاريا ودوليا وعلى جميع الأصعدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو صناعية؛ ولكن مثلما قالت العرب: لا حياة لمن تنادي.
مما لا يمكن للعاقل إنكاره أن الجزائر قوة ضاربة أحب من أحب وكره من كره؛ إلا أن هذه القوة، لحسن الحظ، لم تشمل غير الأكاذيب السمجة والأحقاد القديمة والخبث الدفين؛ وعند طوابير الحليب والسميد والخبز والزيت والبزين الخبر اليقين.