صدر للدكتور محمد مهيب كتاب تحت عنوان ” ميدلت شذرات تاريخية وثقافية ” من 274 صفحة وباللغة الفرنسية ” Midelt.Esquisses Historiques et Culturelles “…والذي قام بترجمته إلى اللغة العربية ذ.مولاي المصطفى أولاد الشريف.هذا الكتاب الذي جعل منه مؤلفه موسوعة فكرية، جمعت بين جيولوجيا المكان وتاريخه وثقافته، وهو ما يوحي به عنوانه المذكورسابقا، وهو ما سيستنتجه القارئ من خلال الحديث عن المكونات الجغرافية للمجال الذي تأسست فيه مدينة ميدلت، بالإضافة إلى الثروات الطبيعية المتواجدة بها، والتي دفعت وشجعت على الاستقرار التليد للعنصر البشري بمختلف مكوناته الاجتماعية، والذي تجسد في مختلف القبائل التي جعلت من سفح الأطلس الكبير الشرقي وجبل العياشي على الخصوصن مكانا للعيش والتدافع الذي أملته ظروف البحث عن الكلأ والماء والحفاظ على الأرض، وهو ما خلف أحداثا تاريخية لعبت فيها تلك القبائل وما كونته من فيدراليات قبلية قطب الرحى. بالإضافة إلى دور تدخلات السلطة المركزية ( المخزن بتعبير الكتاب والمصادر التاريخية) خلال العصر الحديث، ثم المستعمر الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشرإلى غاية بناء مدينة ميدلت من طرف الفرنسيين سنة 1917 وما تلاها من أحدث أدت إلى استقلال المغرب.
الكتاب إذن يتحدث عن أسباب بناء ميدلت من طرف الجيش الفرنسي، كما هو حال مراكز أخرى بالجنوب الشرقي المغربي في تلك الفترة كمدينة أرفود.مع إبراز مختلف المعطيات الطوبونيمية المرتبطة سواء بتسمية ميدلت، أو مختلف القبائل والأماكن والروايات المرتبطة بأصل تسميتها، كتيزي نتالغمت ( فج الناقة ) وآيت سغروشن( تجميد ابن آوى ) وآيت مرغاد ( بيع الزبدة )وآيت يفلمان ( وجود الأمن ) على سبيل المثال لا الحصر.كما تحدث الكتاب عن ارتباط التاريخ الإجتماعي والإقتصادي للقبائل المستقرة بمجال أوطاط (وهي ميدلت حاليا) بالأطلس الكبي الشرقي ومنه جبل العياشي، الذي يعتبر خزانا كبيرا للمياه نسجت غلى سفحه فيدراليات قبلية، كان من أهم أطرافها قبائل على شاكلة آيتزدك وأيت تعطى وأيت يفلمان وآيت خاوة المنبثقة عن القبيلة الأم أولاد الحاج…هذا النسيج القبلي المتنوع الذي يؤكد نوع التعايش بين مختلف المكونات القبلية أمازيغية وعربية وشرفاءعلويين وأدارسة، بالإضافة إلى اليهود كعنصرفعال بالمنطقة خلال فترات زمنية طويلة، خصوصا يهود أوطاط الذين لم يستقروا هناك إلا بعد قدوم آيت ازدك إليها خلال القرن 19.