تصدر المشهد العراقي عناوين أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء، والتي أثارت المخاوف حول انزلاق البلاد إلى العنف والفوضى السياسية.
كما تطرقت الصحف، إلى الفيضانات التي أغرقت باكستان وراح ضحيتها أكثر من ألف شخص، معتبرة أنها ”تفتح النار“ على الولايات المتحدة والدولة المتقدمة الأخرى بشأن مسألة تعويض الدول النامية.
اعتبرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية أن أعمال العنف التي اندلعت في العاصمة العراقية، بغداد، أمس الإثنين، بعد قرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، اعتزال الحياة السياسية، تثير مخاوف حول عدم استقرار البلاد، وتسلط الضوء على مستقبل محفوف بالمخاطر.
وذكرت الصحيفة أن الاشتباكات العنيفة اجتاحت بغداد بعد وقت قصير من استقالة الصدر، حيث اقتحم المتظاهرون المباني الحكومية وتدفقت الميليشيات المدججة بالسلاح على المركز الحكومي بالعاصمة؛ ما أدى إلى اندلاع ”معركة حضرية عنيفة“ هددت استقرار الحكومة.
وقُتل ما لا يقل عن 17 شخصا في إطلاق نار، وأصيب أكثر من 90 آخرين في اشتباكات بالمنطقة الخضراء، الإثنين، ما حول حي المكاتب الحكومية والسفارات والفيلات الخاصة بكبار المسؤولين العراقيين إلى ”منطقة محاصرة“، وأعلن الجيش العراقي حظر تجول في أنحاء البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشلل السياسي ساد في العراق منذ الانتخابات التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي والتي أعطت أكبر عدد من المقاعد في البرلمان لكتلة بقيادة الصدر.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين سياسيين قولهم إنه ”من غير المؤكد ما إذا كانت إحدى أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ستنسحب من حافة الهاوية، أم أنها تتجه إلى العنف الذي قد يهدد تجربتها مع الديمقراطية التي استمرت عقدين“.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أنه ”لم تكن هناك مؤشرات على أن الميليشيات الموالية للإطار التنسيقي –الموالي لإيران- انضمت إلى القتال ضد أنصار الصدر في المنطقة الخضراء، لكنها رأت أنه كلما طال استمرار الاضطرابات، زاد احتمال تدخل الميليشيات المسلحة الأخرى، ما قد يؤدي إلى اشتباكات أكثر عنفا“.
وكانت فصائل عراقية رفضت دعوات الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وتجنب الصدر المحادثات التي عقدها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بهدف نزع فتيل الأزمة.
ووفقا لتقرير ”وول ستريت جورنال“، جاء إعلان الصدر في اليوم السابق الذي يفترض أن تحكم فيه المحكمة الفدرالية العراقية في شرعية دعوة رجل الدين القوي إلى حل البرلمان، وهي قضية من المرجح أن يخسرها الصدر، كما جاء أيضا بعد وقت قصير من إصدار آية الله كاظم الحائري، وهو رجل دين شيعي عراقي بارز مقيم في إيران، بيانا ينتقد فيه الصدر.
وأوضحت الصحيفة أن تحالف ”الإطار التنسيقي“ يسعى إلى إعادة فتح البرلمان وتشكيل حكومة جديدة، حيث يقول محللون سياسيون إن هذا السيناريو قد يعني حكومة عراقية تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت في الماضي القريب، وتربطها علاقات وثيقة بإيران وتنقسم في ظلها الوظائف والوزارات العليا بين الفصائل الشيعية والسنية والأكراد.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول ”لكن الحكومة التي يرأسها الإطار التنسيقي ستواجه تساؤلات حول كيفية مواجهتها لمطالب الشعب العراقي بالوظائف، ومعالجة الفساد وتقليص نفوذ طهران في بغداد.“
هجوم طال انتظاره
وفي أوكرانيا، سلطت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية الضوء على هجوم أوكراني مضاد في جنوب البلاد لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في الأيام الأولى من الغزو.
وذكرت أن القوات الأوكرانية شنت هجمات برية أمس الاثنين، في بضع مناطق على طول الجبهة في منطقة خيرسون بجنوب البلاد، فيما يبدو أنها صعدت هجومًا مضادًا يهدف إلى استعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا، مشيرة إلى أنه لم يتضح حجم توغل أوكرانيا في منطقة خيرسون.
وأضافت الصحيفة -في تحليل إخباري لها– أن الهجوم الأوكراني يتزامن مع إعلان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقا من الخبراء النوويين سيزور محطة الطاقة النووية في زابوريجيا، والتي تحتلها روسيا، إذ إن القصف المتكرر أثار خطر انبعاث إشعاعي كارثي.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن الخطوة الأوكرانية جاءت بعدما تعرضت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، لضغوط لبدء ”عملية كبيرة“ قبل أن تترك أمطار الخريف الريف موحلا، و“قبل أن تؤدي أزمة الطاقة المخيفة إلى تقويض الدعم الأوروبي، وقبل أن تتمكن القوات الروسية من تعزيز مواقعها وإعادة الإمداد بها“.
واعتبرت الصحيفة أن النجاح الأوكراني من شأنه أن يرفع الروح المعنوية في الداخل ويمكن أن يقنع الحلفاء ”المتذبذبين“ بمواصلة إرسال الأسلحة إلى كييف، وأن الفشل، في المقابل، يعني التضحية بالأرواح من أجل مكاسب ضئيلة أو معدومة.
ميدانيًّا، قالت الصحيفة الأمريكية إن القتال على طول الجبهة الجنوبية تصاعد بشكل حاد أمس، وفقًا للمسؤولين العسكريين الأوكرانيين الذين زعموا أن قواتهم قد ”انتهكت خط دفاع المحتل الأول بالقرب من خيرسون كجزء من تقدم متعدد الجوانب. وقصفت قاعدة عسكرية روسية كبيرة خلف الخطوط الروسية في المنطقة ودمرتها.“
في غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن مسؤول دفاعي أمريكي كبير قوله إن ”الهجوم المعلن يظهر رغبة الأوكرانيين في إحراز تقدم في ساحة المعركة“، لكنه أكد أن وزارة الدفاع (البنتاغون) لا تزال حذرة بشأن ما إذا كانت القدرات العسكرية الحالية لأوكرانيا كافية لتحقيق مكاسب كبيرة على الأرض.
في سياق متصل، دعت مجلة ”فورين آفيرز“ الأمريكية إدارة الرئيس، جو بايدن، إلى مراجعة إستراتيجيتها طويلة المدى تجاه موسكو، وذلك في وقت تستمر فيه حرب روسيا على أوكرانيا وتعيد تنظيم الجغرافيا السياسية العالمية.
وفي رسالة إلى الإدارة الحالية والأخرى المتعاقبة، قالت المجلة ”يجب أن يكون تركيز الولايات المتحدة الأساس على هذه الإستراتيجية، على عكس إستراتيجية الاحتواء الأصلية في حقبة الحرب الباردة والتي تبنت احتواء صبورًا، ولكنه حازم ويقظ للتوجهات الروسية التوسعية“.
وذكرت المجلة ”بدلا من ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تعمل بجد لكبح توسع روسيا في أوروبا وأماكن أخرى حتى تدرك القيادة الروسية أن ميولها الإمبريالية المدمرة تقودها إلى المستقبل الكئيب المتمثل في أن تصبح تابعة للصين“.
وأوضحت المجلة أن موسكو ”المنعزلة بشكل متزايد عن الغرب ستصبح مدينة بفضل بكين كشريك تجاري وراع دولي رئيس، وهي علاقة ليست بين أنداد بل بين المتوسل والمتبرع“، بحسب وصف المجلة.
وقالت إن مثل هذا الاتجاه قد يدفع الكرملين إلى إعادة التفكير في سعيه ”وراء السياسات الخبيثة المعادية للغرب وكبح عدوانيته“.
وأضافت ”يجب ألا تتوهم الولايات المتحدة أن مثل هذا التحول سيؤدي إلى علاقة ودية مع روسيا، ناهيك عن تحالف مناهض للصين، أو أن تغييرًا في سلوك روسيا سيحدث بسرعة. في الواقع، قد تمر سنوات قبل أن يتبنى القادة الروس موقفًا أقل تصادمية تجاه الغرب. ومن غير المحتمل تمامًا أن تصبح روسيا مندمجة في المجتمع الغربي“.
مأساة باكستانية.. وتعويض أمريكي
من ناحية أخرى، سلطت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية الضوء على المأساة التي يعيشها الشعب الباكستاني، بعد فيضانات جارفة تضرب البلاد منذ حزيران/ يونيو الماضي، وغيرت المشهد هناك وأغرقت القرى والحقول، ودمرت المنازل وقتلت ما لا يقل عن ألف شخص.
وتحت عنوان ”فيضانات باكستان تحيي الجدل“، تساءلت الصحيفة الأمريكية حول ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة أن تدفع ثمن كوارث المناخ التي تسببت فيها ليس فقط في باكستان، بل في مناطق أخرى من العالم.
وقالت الصحيفة في تحليل لها ”حتى مع لجوء باكستان إلى الجهات المانحة في جميع أنحاء العالم لطلب المساعدة للتعامل مع الفيضانات المميتة والمكلفة، يطالب العديد من السياسيين والنشطاء الولايات المتحدة وآخرين بتعويض الدول الفقيرة عن أضرار الاحتباس الحراري“.
وذكرت الصحيفة ”إذا كانت الخسائر البشرية كارثية، فإن الخسائر المالية لا يمكن تصورها تقريبا، حيث صرح وزير المالية الباكستاني بأنه من المحتمل أن يتجاوز الضرر 10 مليارات دولار، أو 4% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد.“
وأضافت ”ولكن حتى مع لجوء باكستان إلى الجهات المانحة في جميع أنحاء العالم لطلب المساعدة، هناك شيء من المؤكد أن الدولة لن تحصل عليه مطلقا؛ وهو التعويض من الدول -بما في ذلك الولايات المتحدة- المسؤولة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض“.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الدول تجادل بأن الدول الأكثر تقدما الشهيرة بحرق الوقود الأحفوري، مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان، قد أدت أيضا إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، ما تسبب في ”خسائر وأضرار“ في البلدان الفقيرة.
وتابعت الصحيفة ”أصبحت القضية هذه نقطة مضيئة في مفاوضات المناخ العالمية. في اتفاقية باريس التاريخية لعام 2015 بشأن تغير المناخ، اعترفت البلاد بالخسائر والأضرار التي تسببها تلك التأثيرات المناخية الخطيرة. وفي العام الماضي، كان المفاوضون من الدول النامية يأملون في أن يتم إنشاء مؤسسة رسمية لتحويل الأموال إلى البلدان الأكثر تضررًا من الكوارث المناخية“.
واستطردت ”لكن الولايات المتحدة، على الرغم من كونها أكبر مصدر تاريخي لثاني أكسيد الكربون، أعاقت مثل هذه الجهود في كل منعطف. في غلاسكو (مؤتمر العام الماضي للمناخ)، انضمت إدارة بايدن إلى مجموعة من الدول في مقاومة الجهود الرامية إلى إنشاء مدفوعات للدول النامية التي تضررت بشدة من تغير المناخ.“
وأوضحت الصحيفة أن المندوبين الأمريكيين يخشون أنه إذا تم إنشاء صندوق رسمي للخسائر والأضرار، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام التقاضي من الدول الفقيرة.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول ”ستضطر الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى إلى التفكير في هذا السؤال في اجتماع المناخ الكبير القادم للأمم المتحدة، المعروف باسم COP27، والمقرر عقده في مصر في كانون الأول/ ديسمبر المقبل“.