“القلم الحر الشجاع بمثابة جيش”، هكذا تُرسم صورة المناضل الأبدي في أروقة الصحافة حيث تُشكّل الكتابة فعلاً من أفعال الثورة والتغيير. في ظلال شجاعة منقطعة النظير، وعلى وقع جرأة الصحفيين التي اتضحت خلال ثورة ديسمبر، يبرز اليوم العالمي لحرية الصحافة كمنارة توجّه أضواءها نحو المدافعين عن حقيقة قد تكون محفوفة بالمخاطر والتضحيات. يُصادف الثالث من مايو ذكرى إعتماد إعلان ويندهوك الذي وُضع عام 1991 كإصرار عالمي على أهمية بيئة إعلامية متنوعة، حرة ومستقلة كشرط لتأمين حرية الصحافة.
ويحل هذا اليوم كتقليد سنوي لتعزيز المبادئ الأساسية للصحافة، وتقييم الحريات الصحفية، وتكريم الصحافيين الذين عانقت أرواحهم السماء في سعيهم للحقيقة. لكن، في الوقت الذي يُحتفى فيه بالصحافة الحرة، تستعرض حكومات دكتاتورية عضلات الرقابة والإكراه، محاولة كسر كل قلم جريء يسعى لتخطي الخطوط الحمر.
ومع ذلك، وفي مقاومة الطغيان، يبقى الصحفيون الشجعان أعظم شهادة على قدرة الكلمة على الصمود. “الصحافة الحرة باقية، والطغاة زائلون”، كلمات تُشعل فتيل العزيمة، وتُكرس تحية لكل صحفي مستقل أقسم بأن يكون شاهدًا على العصر، ضاربًا في العمق عُرى الفساد واسْتغلال السلطة. كُرّمت هذه الجرأة بتقديم ثلاث ركائز للملاحظة في 2015: وسائل إعلام مستقلة، المساواة بين الجنسين، والسلامة الرقمية للصحافيين ومصادرهم.
كما تُعتبر التقارير الدقيقة والمستقلة هي الجوهر الذي يُمكّن المواطنين من اتخاذ القرارات المستنيرة. يستثمر هذا اليوم أيضًا في التأكيد على دور الحكومات بأن تقف سندًا لا سجنًا لحرية الصحافة، مُشددًا على ضرورة وجود ظروف آمنة تُمكّن الصحافيين من العمل بحرية.
في الختام، لا يمكن التقليل من شأن اليوم العالمي لحرية الصحافة، فهو يُسلط الضوء ليس فقط على الإجلال والاحترام، بل وعلى الإصرار والأمل الذي يجعل من رسالة الكلمة نارًا لا تُخمد وذاكرة لا تُمحى لأولئك الذين نذروا أنفسهم للحقيقة وهيأوا من أقلامهم سيوفًا للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير.