بقلم : مصطفى هادي
تعاقبت مجموعة من النخب السياسية على تدبير الشأن المحلي دون إضافات تطبيقية عملية ، لوضع هندسة معمارية جديدة للمدينة. تظهر جمالية مميزة تلبي حاجات الساكنة وتثير قيم واحاسيس تؤهلهم لتنظيم فكرهم، وعواطفهم دون اهمال علاقة الشخصية الرشداوية المرتبطة بموروثها الواحي الاصيل . ومن هنا يمكن اعتبار أن ما يروج بين الفينة والاخرى عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها في الآونة الأخيرة حول أهمية الفضاء التابع لجماعة الرشيدية ، والمعروف سابقا -بمقهى املشيل- دليل على أن المعمار يعد أداة الافصاح والتعبير عن الواقع ، ويعكس هموم المواطن وعلاقته بالمكان، خصوصا اذا كان هذا المكان مهدد بالوافد عليه…
هنا يظل البحث في الاستمرارية الرمزية للمعمار بين الوظيفي والجمالي والاجتماعي يتردد في كل لحظة ، ويضع نجاح التخطيط على مستوى الفضاء رهين بتلبية حاجيات المواطن الاقتصادية والجمالية، والرؤية السياسية. وقد تصل إلى عدم الانصهار احيانا لأن ثقافة الفضاء تغيب وتحضر ثقافة الغالب ، في ظل علاقة غير منسجمة بين الوعي الجمالي للترات وانعكاساته على الشخصية ، وبين محدودية الرؤية السياسية من جهة أخرى، التي قد تقترب إلى حد القطيعة مع خصوصية المدينة ومرد ذلك إلى سيادة الطابع الاقتصادي الاستهلاكي التنميطي للأذواق لدى النخب ، واغفال تسويق الشخصية المحلية المرتبطة بالفضاء وتحقيق الذات ..
ان عملية الالتقاء على مستوى الفضاء يؤدي إلى إنتاج اصيل والحفاظ على الهوية، لأنها مصدر القوة واحدى حاجيات ودعامات الشخصية ، بعيدا عن العبث بالفضاء ، وتغليب تسويق الاغراء المادي المالي . ففضاء يجمع الذاكرة المحلية ببساطته يحمل من الجمالية المعمارية والاقتصادية والثقافية ما لا يستطيع فضاء اقتصادي يعج بالحركة حمله، ولقد استيقظ هذا الشعور في بعض المجموعات عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بدعوى الحفاظ على الرمزية التاريخية للفضاء، في مقابل نزعة ترى الانفتاح على المصلحة الاقتصادية بشكل علني . وتيار اخر جمع بينهما عن طريق الاستثمار السياحي للجمع بين الوظيفة الاستهلاكية والحفاظ على الموروث الجمالي ، والتسويقي للمنتوج المحلي . وهذا التيار ذهب بعيدا نحو تحقيق الكمالية للفضاء عبر الترميم له ، وخلق حاجيات : سياحية ،ادارية ، مرافق عمومية، مواقف للسيارات ، متحف للمدينة، حديقة ، فضاء لترويج المنتوج المحلي… وهي دعوة إلى دمج القديم بالجديد ، وهذا يعني أن هذا الفضاء بدأ يثير قضايا فكرية وجمالية صار من الضروري النظر إليها من زاوية تحقيق الشخصية الرشداوية ، في فضاء يلاءم ثقافتها بحكم تجدر الموروث الواحي في مخيالها الجمعي الذي يفرض ثقافته على الشخصية.
وعليه فإن هذا الفضاء خلق خللا على مستوى التفكير والعلاقات ، وأصبح يشكل واقعا مفروضا على النخب السياسية التعامل معه ، وفق رؤية استشرافية تجمع بين القديم والجديد، يجمعها معمار جمالي متكامل ومنسجم يحي الاشكال الجمالية التاريخية داخل الفضاء، ويحتضن الموروث دون إغفال العلاقات الاجتماعية والتاريخية للفضاء ،تحقيقا للتميز المعماري الذي على أساسه يتم تقييم درجة وعي النخب السياسية لمفهوم التنمية المستدامة للجاذبية السياحية بمدينة الرشيدية.