الحدث بريس: دولي.
ويمهد فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرحلة سياسية جديدة في البلاد، ليس بسبب الفوز الذي كان متوقعا ، بل لأن هذه الانتخابات هي الأخيرة التي يحق لبوتين خوضها وفقا للقوانين الروسية، وهو ما يضعه خلال السنوات الست المقبلة أمام أحد خيارين ،إدخال تعديلات دستورية تتيح له البقاء في المنصب لفترة أطول، وهو خيار يسعى بوتين إلى تجنبه ، وعدم تكرار ما حدث في سنة 2008 عندما اضطر لترشيح ديمتري ميدفيديف لفترة رئاسية بقي خلالها ممسكا بزمام الأمور في البلاد قبل عودته رئيسا في سنة 2012 .
وينسب ناخبون كثيرون لبوتين ، البالغ من العمر 65 سنة ، الفضل في الدفاع عن المصالح الروسية في مختلف المحطات الداخلية والدولية على الرغم من المواجهات، من حين إلى آخر، مع الدول الغربية.
ولم يؤد الخلاف مع المملكة المتحدة إلى تقويض موقفه بالرغم من أن الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية شهد تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب قضية تسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغير سكريبال وابنته في بريطانيا وهو ما نفته موسكو.
ولا يرى غالبية الناخبين بديلا ممكنا لبوتين الذي يشيدون بانجازاته والذي وصل سنة 2000 على رأس بلد كانت سلطته غير مستقرة واقتصاده متدهور، حيث كان رجل الاستقرار والازدهار المستعاد.
ووظف الرئيس الروسي خلال حملته الانتخابية إنجازاته الواسعة خلال توليه أعلى سلطة في البلاد ، وكذلك حملاته الإعلانية الواسعة التي برزت من خلال لقاءاته مع أنصاره وتأكيده على ضرورة مواصلة مسيرة البناء والتحديث ببلد القياصرة، حيث تعهد ، خلال حملته الانتخابية ، بمواصلة تحقيق الانتصارات في المجالات المختلفة للسنوات المقبلة.
وتختلف هذه الانتخابات عن مثيلاتها السابقة التي مكنت فلاديمير بوتين من حكم الكرملين لثلاث دورات مضت، تفصل بينها ولاية واحدة لرئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف.
فعلى الرغم من وجود أوجه تشابه كثيرة بين كل المحطات الانتخابية السابقة، إلا ان التطورات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة جعلت من هذه الانتخابات محطة فائقة الأهمية بالنسبة لروسيا، ولمستقبل بوتين في البلاد.
ولعل أبرز تلك التطورات عودة روسيا مجددا إلى لعب دورها المؤثر عالميا خصوصا من خلال الأزمة السورية.
بالإضافة إلى انعكاسات كثيرة سببتها الأزمة الأوكرانية على العلاقات الروسية الغربية من جهة، ومن جهة ثانية على الواقع الداخلي في روسيا الذي تزيد العقوبات الغربية من تكاليفه على الاقتصاد الروسي.
وفي هذا السياق اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، أن الفترة الرئاسية الجديدة لفلاديمير بوتين ستشهد زيادة الضغط من قبل دول الغرب بسبب الخلاف على هيكلة النظام العالمي، مضيفا أن المشكلة الأساسية في العلاقات بين روسيا والدول الغربية ، تعود إلى فكرة عالم أحادي القطب ولا تريد التخلي عنها، فيما يسعى بوتين إلى تغيير النظام العالمي والعودة إلى فكرة تعددية الأقطاب.
وأكد أن موسكو قادرة وجاهزة لمواجهة تلك التحديات، خاصة أن غالبية المواطنين في الداخل والخارج يؤيدون الرئيس وسياسته كما أن للبلد العديد من الشركاء، ومن بينهم الصين ودول مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، مشيرا إلى أن روسيا على أعتاب مرحلة جديدة ستشهد الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب سيواصل خلاله الرئيس المنتخب سياسة التوجه إلى تعددية الأقطاب، وذلك في مصلحة كل الدول.
يشار الى أن لجنة الانتخابات المركزية الروسية أعلنت اليوم الاثنين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حصل على 76.66 بالمائة من أصوات الناخبين بعد فرز 99.84 بالمائة من بطاقات الاقتراع، فيما تجاوزت نسبة المشاركة 67 بالمائة.
وسجل الرئيس الروسي ،الذي عزز موقعه على رأس البلاد، في الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الاحد في روسيا نتيجة افضل من تلك التي حصل عليها في الانتخابات السابقة التي جرت في 2012، وكذلك افضل من تقديرات استطلاعات الرأي التي جرت خلال الاسابيع الاخيرة.