الحدث بريس:الحسن ساعو
بعد أن هدئت عاصفة التلاميذ ببلادنا، وعودتهم لمقاعدهم الدراسية، بعد أسبوع من المقاطعة والاحتجاج، لا يجب أن تعتبر الجهات المسؤولة أن هذه الأحداث مجرد سحابة عابرة ،ولكن فرصة لاستخلاص الدروس ، وقياس نسبة الوعي في المجتمع، وهي كذلك فرصة للإنصات لنبض الشعب ، ولحظة للمفكرين وعلماء السياسة والاجتماع لتحليل محتوى الشعارات التي رفعت في الشوارع ، وحمولتها الأخلاقية والتربوية . كما أنه فرصة لتقييم الحمولة التربوية للمدرسة العمومية التي استجابت بقوة لنداءات التوقف عن الدراسة والتظاهر في الشارع العام، هذا التظاهر الذي بلغ مستوى عالي من العنف المادي واللفظي والمس بكرامة الأشخاص وإحراق العلم الوطني أمام البرلمان، والإجابة على سؤال عدم انخراط تلاميذ المؤسسات التعليمية الخصوصية في هذه الأحداث .
لقد كان القطاع التلاميذي من الستينيات إلى أواخر الثمانينات قطاع فاعل يحمل قضايا وطنية كبرى ويهتم بالسياسة والديمقراطية ويناضل من أجل ضمان العيش الكريم لفائدة شرائح واسعة من المجتمع. ويتجلى ذلك من خلال المظاهرات والسنوات البيضاء ضد السياسات القمعية وضرب مجانية التعليم وتشديد الخناق على الجماهير الشعبية وقمع كل فكر ديمقراطي حر.
ولعب القطاع التلاميذي دورا كبيرا في تنشيط الأحزاب الوطنية انطلاقا من الحزب الشيوعي المغربي وحزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية واليسار الراديكالي التي كان أبرز مناضليها من التلاميذ .
كما أن القطاع التلاميذي ساهم مساهمة فعالة في النهوض بالحركة الجمعوية والكشفية والتطوعية.
ويعتبر القطاع التلاميذي مزودا أساسيا للحركة الطلابية بالأطر التي جعلت منه قوة فاعلة في المجتمع لها تأثير كبير في السياسات العمومية للبلاد .
لكن الحركة التلاميذية تعرضت لحملات من القمع والاضطهاد والمنع،وتم الزج بالعديد من قياداتها بالسجون خلال أحداث السبعينات والثمانينات، وتم مضايقات الأنشطة الثقافية والمجلات الحائطية بالمؤسسات التعليمية ،وأصبح الهاجس الأمني هو المتحكم الوحيد بها.
إضافة لذلك فإن منع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ساهم في تراجع الحركة الطلابية ، مما أدى لتراجع الوعي السياسي في المؤسسات التعليمية، وتدشين مرحلة جديدة من التلاميذ ، وبداية جيل يخاف من السياسة ويجهل أغلبيته الواقع السياسي والمهام المطروحة عليه للدفاع عن مصالحه ومصالح وطنه .
إن الأحداث التلاميدية الأخيرة ينبغي أن تفتح حوارا هادئا وجادا بين مختلف الجهات من أجل إعادة الأمل للفعل السياسي ، وإعادة الثقة في المجتمع ، وبناء دولة الحق والقانون، وخلق جو من الطمأنينة في مستقبل الشباب. وذلك بسن سياسة اجتماعية عادلة تضمن العيش الكريم لكافة شرائح المجتمع ودراسة سبل فتح المجال للمنظمات الشبابية والمجتمع المدني لدخول المؤسسات التعليمية للمساهمة في تأطير التلاميذ .