الحدث بريس:متابعة.
شهدت الساحة السياسية مؤخرا احتدام حدة الصراع بين الاحزاب المغربية ومختلف التيارات السياسية المغربية فيما يتعلق بلغة التدريس لمعتمدة بالمدارس غير ان شد الحبل بين هذا الحزب او ذاك له ما يبرره ولكل مصلحته ،فهناك طرف يقر باستعمال اللغة العربية كلغة اساسية لتدريس المواد العلمية وحجته في ذلك بانها اللغة الام لغة الهوية وطرف اخر يدافع عن التدريس باللغات الاجنبية خاصة الفرنسية على اعتبار انها لغة البحث العلمي وبين هذا وذاك يغيب طرف ثالث المعني اكثر بهذا النقاش والا يخص هنا ابناء الشعب المغربي وجمعيات اباء واولياء التلاميذ الطرف الاساسي المعني بهذا النقاش ،وقبل ايام خرج حزب الاستقلال وعلى لسان امينه العام بإثارة نقاش حول لغة التدريس معتبرا لغة التدريس باللغة الاجنبية الفرنسية بالتحديد للمواد العلمية فيه تجن على ابناء الشعب المغربي ، بينما ذهب بن كيران الى تحريض رئيس الحكومة الحالية بالتضحية بالحكومة في سبيل التشبت باللغة العربية فيما بقيت باقي احزاب الاغلبية متفرجة على الوضع معبرة عن مواقف محتشمة وغامضة، احزاب لاهي مع الاغلبية ولا هي مع المعارضة ،وما يثير الاستغراب هو استبعاد الحس الوطني في معالجة هذه الملفات التي استنزفت وقتا مهما من الزمن وجهدا كبيرا كان من الافضل ان يوجه ويستثمر في ملفات كبرى لا زالت عالقة لحد الان
يتزامن الجدل القائم حاليا حول اعتماد لغة التدريس للمواد العلمية مع تعثر التصويت على قانون الاطار للتعليم رقم 51-17 الذي خلق انقساما بين الاحزاب السياسية ليس بين التيار المعارض وتيار الاغلبية المكونة للحكومة، بل حتى بين مكونات الاغلبية نفسها وهو ما يبين عدم انسجام مكونات الحكومة في التعاطي مع السياسات العمومية للبلد وكيفية تدبير ملفات مهمة من حجم التعليم وغيره وبالتالي فان هذه المقاربة تنعكس سلبا على المردودية الحكومية والاجهاز على البرنامج الحكومي المتوافق عليه سلفا غداة تشكيل الحكومة المغربية ، ويبدو أن الوضع مرشح للمزيد من التوتر خاصة في ظل الضغوط التي يتعرض لها رئيس الحكومة من كل الاتجاهات فبن كيران الذي تقاعد سياسيا لا زال يتدخل في شؤون الحكومة ،كما أن بعض الاحزاب المشكلة لأغلبية الحكومة لا زالت تتأرجح في مواقفها وتتحين الفرصة لتسجيل هدف في مرمى الاخر، عساها أن تستدرك ما فاتها من الزمن السياسي خاصة ونحن على بعد سنتين فقط من الانتخابات التشريعية.
وكيفما كان الحال، يبدو أن الاحزاب السياسية والحكومة المغربية لم يستوعبا دروس التاريخ حينما كادت الامور أن تخرج عن السيطرة بسبب التلاعب بملف خطة ادماج المرأة في التنمية ، لولا التدخل الملكي الذي حسم في الأمر وقطع الطريق على المتلاعبين بأمن الوطن، وإذا كان لا بد من إثارة الجدل القائم حول اعتماد لغة التدريس في المواد العلمية فهو أجدر أن تكرس النخب السياسية بجميع ألوانها ،المتخصصين في مجال التربية والتكوين ،واطياف المجتمع المدني جهودهم في إصلاح منظومة التعليم التي صرفت عليه الملايير من الدراهم من ميزانية الدولة دون تحقيق النتائج وأن يبذل الجهد كذلك في توفير وضعية أحسن لأسرة التعليم ورد الإعتبار للمدرسة العمومية ووضع الية تصورية تحت رئاسة الملك يعتمدها المجلس الأعلى للتعليم لإنقاذ منظومة التعليم من هذا الوضع الذي يحصر النقاش في الصراع حول لغة التدريس فقط، بينما المنظومة التعليمية كلها تعيش وضعا كارثيا، في ظل عدم إشراك الكفاءات العلمية الأمينة ،لأنه للأسف الشديد وهذه حقيقة يجب أن نستحضرها ،فقد كشف رئيس مجلس النواب على أن ربع النواب لا يتوفرون على شهادة الباكالوريا ،فبالأحرى حصولهم على مستوى تعليمي جامعي يمكنهم من الرفع وتحسين ادائهم الوظيفي بالمؤسسة التشريعية ،ويمكنهم من وضع مخطط استراتيجي بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الحزبية ،وبناء منظومة تعليمية متطورة تستجيب لمتطلبات العصر وقادرة على منافسة الدول الرائدة في مجال العلوم والصناعات التكنولوجية التي أثبتت الإحصائيات بأن أبناء وطننا وتعليمنا هم أبطال ورواد هذا التطور العلمي في مختلف بلدان العالم .