الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
تعتبر الكوارث الطبيعية بمختلف أنواعها وتمظهراتها من الظواهر التي تشغل حيزا كبيرا في تفكير المجتمعات والدول فوضعت لها المخططات والتدابير الوقائية .
فالفيضانات بالمغرب عبر تاريخه مرتبطة بالطقس وتقلباته من ومن أكثر الكوارث الطبيعية شيوعا بعد الحرائق ، فقد شهد المغرب وخصوصا بمناطقه الجنوبية الشرقية العديد من الفياضانات والسيول الجارفة التي تسببت في تدمير العديد من القصور والقرى والدواوير.
هذه الفيضانات تسبّبت في خسائر فادحةً، بشريّةً، و ماديّةً، و بيئيّةً و اقتصاديّةً أليمة لأنها أودت بحياة أناس وشردت أناس وضيعت محاصلهم وتسببت في مجاعتهم … فمعظم تلك الفياضانات أتت ليلا وكانت مفاجئة مخيفة ، قاسية ، وقف الناس حيالها بمنطقة تافيلالت على الخصوص حسب الرواية الشفوية للكبار مذهولين مشدوهين من هولها و في طريقة التعامُل معها ، مهما عملوا وقتها من مجهود في إنقاذ الأرواح.
وعلى الرغم من كون تلك الكوارث طبيعيّة في أصلها ، إلا أنّها يُمكن أن يساهم البشر في وقتنا الحاضر في تفاقمها و أن تكون قاتلة بفعل عدم وضع خطط استباقية لمواجهتها ، أو عدم الإستفادة من الوسائل التقنية والمعطيات المناخية والهندسية والعمرانية التي تراكمت عبر السنين بفعل اللامبالات بالذاكرة العلمية وما خلفه الباحثون المغاربة والأجانب في هذا المجال من أرشيف أبحاث ودراسات مفيدة جدا.
ولعل سياسة إنشاء السدود الكبرى والمتوسطة والسدود التلية ، والقناطر وقنوات تصريف المياه ، في عهد الملك الحسن الثاني رحمه الله جزء مهم من تلك الذاكرة التي استطاعت أن تحمي في تلك الفترة من تاريخ المغرب قصور ودواوير قروية من الاندثار بمنطقة تافيلالت بفعل كوارث الفياضانات المتتالية ” سد الحسن الداخل ” على سبيل المثال …
وهنالك مجموعة من العوامل البشريّة الذاتية التي تساهم بشكل مباشر في ما تسببه الفياضانات من كوارث وفواجع رهيبة أولها عامل انعدام التخطيط في وضع المنشئآت ، كيف ذلك ؟
عندما تقدم بعض الجماعات الترابية المحلية بوضع وإعطاء الإنطلاق لمشروع معين فوق منطقة ” مهددة ” خاصة بمجال عبور الأودية والأنهار والشعاب ، ولا تراعي المسافات القانونية ، ولا تقوم بالدراسات الهندسية اللازمة للأرض فانتظر الكارثة لأن المقدمات الخاطئة تؤدي لنتائج غير متوقعة …
العامل الثاني يتعلق بأمية المسؤول المنتخب فبالاضافة إلى عدم توفر ذلك المنتخب على قدر من التعليم والثقافة والكفاءة وعدم استعانته بذوي الإختصاص ليمدوه بالمعلومات اللازمة عن المنطقة المعنية وجدوى المشروع ، وقابليته للتنفيذ والانجاز يلتجيء في الكثير من الأحيان إلى الارتجالية في تمرير المشروع استجابة لمطالب الساكنة التي لا تدري في غالب الأحيان أن ذلك المشروع الغير المدروس سوف يكون وبالا عليها .
العامل الثالث ربما يرجع لعدم توفر بنك للمعلومات الجغرافية و الطبوغرافية والهندسية حول المواقع التي يتم اختيارها لإقامة المشاريع التنموية .
بالإضافة للعامل الرابع الذي هو ” التخلُّف ” هذا الأخير الذي نعبر عنه كالتالي ” التعرض المنبثق من الأنانية ” وإن كنا نعده إحدى العوامل التي تدخل في النطاق القيمي السلبي ، لكنه يمتلك جزءا من المصداقية فكثير من ساكنة القصور والدواوير بالجنوب الشرقي يقفون حجر عثرة أمام بعض المشاريع التنموية التي قد تعود بالخير عليهم كيف ذلك ؟
فرغم توفرهم على وعاء عقاري شاسع وخاصة أراضي الجموع لايسمحون بإقامة مشروع تنموي أو رياضي … ويحبدون إذا كان تحت ضغط مؤسسات الدولة أن يكون فوق الحفر أو المزابل أو بجانب الأودية الجارفة .. وهو مايؤدي إلى وقوع هكذا كوارث ، وحين وقوعها يبدؤون في التبرير بأن هذه الكارثة لم تقع في تاريخ المنطقة .. وهم يعلمون أنهم هم من سكت لحاجة في نفس يعقوب .. عند إنشاء ذلك المشروع في منخفض وادي تجتاحه السيول وتحن إليه ولو بعد ألف عام ..! وهو الشيء الذي شوهد في تبريرات بعضهم أمام عامل إقليم تارودانت بعد وقوع الحادثة الأليمة.