الحدث بريس – المختار العيرج
أخيرا، و بعد رفع جلستين يتمكن عبد الله هناوي رئيس جماعة الرشيدية من جمع أغلبيته المنتمية لنفس حزبه، و السؤال الذي ظل يؤرق المتتبعين، و بقي عالقا لحد الساعة، ماذا حصل لمستشاري حزب العدالة و التنمية الذين ظلوا يقاطعون جلسات دورة أكتوبر غير مبالين بتعريض المصلحة الحزبية للقيل و القال و للتأويلات الكثيرة، هل كان الأمر مجرد ” عطب ” عادي أم فيه ما فيه من دواعي أخرى ؟ و هل تغير شيء بين الجلسة الأولى و الأخيرة لنرى الغاضبين يعودون إلى كراسيهم ؟
لقد تبين أن حزب العدالة و التنمية آثر مواجهة ما حدث داخليا و تنظيميا و اعتبره من ثمة شأنا حزبيا لا دخل لأحد فيه، فلم يتسرب إلى حدود هذه اللحظة أي شيء عن مسوغات إخفاق الرئيس في عقد جلستي دورة أكتوبر بكل عدد مستشاري حزبه المكون وحده للنصاب القانوني الذي لم يدرك سوى في الجلسة الثالثة، و لا كيف عاد من عاد إلى جادة الانضباط الحزبي، لاشك أن ذلك قد يكون تم في إطار محاسبات و توافقات و ترضيات و ضغوطات تنظيمية أفقيا و عموديا .
و هذا المآل يخول لنا أن نتساءل كذلك عن موقف المعارضة التي سايرت هي الأخرى بقايا الأغلبية في الغياب عن القاعة و تفويت فرصة توفير النصاب القانوني في الجلسة الأولى، فهل كان الغياب أجدى من الحضور كأغلبية و فرض قراءتها الخاصة لمقررات أكتوبر عوض الانتظار إلى الجلسة الثالثة لتجد نفسها بدون طاقة و لا قوة تجتر نفس الخطاب و تتعلل بنفس الأسباب و في الأخير تراكم نفس النتائج مادامت قد فوتت على نفسها فرصة ثمينة، و تفويت الفرصة في هذه الحالة غصة .
إن الرهان كان على بقاء حالة البيت الحزبي للعدالة و التنمية كما كان بعد الجلسة الأولى، و هو رهان كانت كل المؤشرات تبين أنه لن يكون مجديا مادام كان مرتكزا على أطر حزبية أكثر مما كان معتمدا على المستشارين و المستشارات الملتحقين و الملتحقات بالحزب في ظروف الانتخابات، ليتضح فيما بعد أن الكل التحق بالكوكبة و تم تمرير مقررات و التصويت بالأغلبية لتأجيل تلك التي تحتاج إلى عدد أكبر من الأغلبية النسبية .
و في كل الأحوال فإن غياب النصاب الذي ترتب عنه رفع الجلسة مرتين متواليتين يعد سابقة لها دلالاتها و رسائلها المشفرة التي يجب على الجميع أن يفكر في تركيبة شيفرتها و رموزها، و هي التي ظلت حاضرة في الشعور و اللاشعور رغم أجواء الارتياح التي كانت بادية على محيا الرئيس و وجوه بعض نوابه و مستشاري حزبه .