في خطوة استراتيجية تؤكد انخراط المملكة المغربية في دعم الربط القاري وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، شدد وزير النقل واللوجستيك، السيد عبد الصمد قيوح، على التزام المغرب الكامل بتطوير ممرات النقل بين القارة الإفريقية وتركيا، على أسس الاستدامة والمرونة والشمولية.
جاء ذلك خلال مداخلة الوزير المغربي في جلسة مصغرة حول إفريقيا، نُظمت اليوم الأحد في إطار فعاليات منتدى الربط العالمي للنقل، المنعقد بإسطنبول ما بين 27 و29 يونيو الجاري، بمشاركة وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى من عدة دول إفريقية.
وأكد السيد قيوح أن المغرب يرى في تعزيز التعاون جنوب-جنوب، الذي يقوم على تنمية مشتركة ونقل الكفاءات وتطوير البنيات التحتية المستدامة، حجر الزاوية لبناء شراكات لوجستية ناجعة بين إفريقيا وتركيا، بما يخدم مصالح الشعوب ويدعم دينامية التكامل الإقليمي.
وفي الجلسة التي ترأسها وزير النقل والبنية التحتية التركي، السيد عبد القادر أورال أوغلو، دعا الوزير المغربي إلى إنشاء ممرات لوجستية مباشرة تربط الموانئ التركية الاستراتيجية كموانئ مرسين، إسكندرون، وإزمير، بالموانئ الإفريقية، مع ضمان إدماج فعّال مع الشبكات الداخلية الإفريقية عبر مقاربة متعددة الوسائط تشمل السكك الحديدية، الطرق، النقل البحري والجوي.
واعتبر السيد قيوح أن إنشاء منصات لوجستية متكاملة ومناطق اقتصادية خاصة يمكن أن يشكل نقاط ارتكاز حيوية لتطوير سلاسل القيمة الإقليمية، مشددًا على أن تعزيز الخطوط الجوية المباشرة بين تركيا وإفريقيا يُعد رافعة أساسية لتيسير حركة التبادل التجاري وتنقل الأفراد، وفتح آفاق أرحب أمام السياحة والاستثمار.
وأشار إلى أن المغرب، بفضل بنياته التحتية الحديثة وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، والمنصات المينائية المستقبلية في الناظور والداخلة، قادر على الاضطلاع بدور تكميلي فاعل لدور تركيا، من خلال شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص.
كما أبرز الوزير المغربي استعداد المملكة لتعبئة شبكتها الدبلوماسية والاقتصادية الواسعة في غرب ووسط إفريقيا، بالإضافة إلى خبرات الفاعلين المغاربة في مجالات البناء، اللوجستيك، الخدمات المينائية، والحلول الرقمية، لدعم هذا التوجه المشترك.
وفي سياق متصل، دعا السيد قيوح إلى تنظيم منتديات اقتصادية وورشات عمل منتظمة وآليات حوار بين القطاعين العام والخاص بين إفريقيا وتركيا، من أجل تحديد الأولويات المشتركة وتجاوز العراقيل التنظيمية والتقنية. وأعرب عن استعداد المغرب لاحتضان مثل هذه اللقاءات القطاعية، بما يعزز التواصل الاستراتيجي بين الجانبين.
وعلى مستوى بناء القدرات، جدد الوزير المغربي التزام المملكة بتكوين الكفاءات الإفريقية، مشيرًا إلى الدور المحوري الذي يلعبه المعهد العالي للدراسات البحرية، الذي يستقبل سنويًا أعدادًا متزايدة من الأطر الإفريقية. كما أعرب عن تطلع المغرب إلى تعزيز التعاون الأكاديمي مع المؤسسات التركية المتخصصة في مجالات النقل، اللوجستيك، وتدبير الموانئ.
وختم الوزير مداخلته بالتأكيد على أن الشراكة بين الدول الإفريقية وجمهورية تركيا تمثل فرصة استراتيجية لترسيخ معايير عالمية في البنية التحتية، وتسريع التحول الطاقي في قطاع النقل، وتعزيز التنافسية الإقليمية. وقال: “بتضافر جهودنا وخبراتنا، يمكننا أن نبني معًا فضاء لوجستيًا إفريقيًا-أوراسيويًا أكثر تكاملًا وصلابة، وذا سيادة كاملة.”
وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة شهدت مشاركة عدد من وزراء النقل من دول إفريقية، ناقشوا خلالها سبل تعزيز ممرات العبور بين إفريقيا وتركيا، وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري. ويمثل المغرب في المنتدى وفد رفيع المستوى برئاسة السيد قيوح، ويضم السفير المغربي لدى تركيا، السيد محمد علي الأزرق، وعددًا من كبار المسؤولين في قطاع النقل والسلامة الطرقية.