الحدث بريس:يوسف الكوش.
شهدت رحاب دار الشباب بوتلامين يوم السبت 3 نونبر 2018م ابتداء من الساعة الرابعة مساء دورة تنموية تربوية نظمتها جمعية تجارب للثقافة والتنمية تحت عنوان “فن الإلقاء ومخاطبة الجماهير” من تأطير الدكتور محمد الحفظاوي أستاذ جامعي.
وقد عرفت الدورة إقبالا وحضورا كثيفا من الطلبة والأساتذة والإداريين ومختلف شرائح المجتمع المدني.
افتتحت الدورة بآيات بينات من الذكر الحكيم، بعدها مباشرة رحب الأستاذ بالحضور الكريم في نشاط الجمعية الأول لهذا الموسم والذي جاء مُصاحبا للجمع العام السنوي الذي نظمته الجمعية صباحا لتدارس التقريرين الأدبي والمالي والتخطيط للبرنامج السنوي لهذه السنة. بعد ذلك أشار إلى أهمية التواصل في الحياة اليومية في جميع المجالات باعتباره ظاهرة طبيعية تحقق للإنسان السعادة في حياته اليومية. من هنا تساءل الأستاذ الفاضل عن ماهية السعادة؟، وللإجابة عن هذا التساؤل طلب من أحد الحضور اختيار سحب بطاقة من بطاقات كانت في موضوع السعادة مقتبس من نص لمصطفى صادق الرافعي في كتابه “من وحي القلم” تُجيب عن هذا السؤال المهم حيث قال: “ليس الكمال من الدنيا ولا في طبيعتها ولا هو شيء يدرك، ولكن من عظمة الكمال أن استمرار العمل له هو إدراكه”، فالسعادة حسب الرفاعي تُدرك في السعي والاجتهاد لبلوغ الكمال .بعد ذلك أشار إلى حديث نبوي يقول: “إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه” ففي هذا الحديث النبوي إشارة الى أن السعادة الحقيقية في إشباع جوانب الكينونة الإنسانية بكل ما تحتاجه، وبإعطاء كل جوانب الشخصية الإنسانية غذاءها اللائق بها حتى لا يكون هناك تشوه في البنية الإنسانية، فالعقل غذاؤه العلم، والروح غذاؤها الإيمان والذكر، و الجسد غذاؤه التغذية والرياضة، كذلك الإلقاء أو التواصل فغذاؤه التنمية والممارسة، ذلك أن الحديث عن قضية التواصل أو قضية الإلقاء وكيفية التخاطب مع الناس يُعد جانبا من الجوانب الأساسية في حياة الإنسان التي تستلزم على كل فرد أن يعطيها حقها و أن يُنميها في ذاته الشخصية.
بعد ذلك أشار إلى موضوع الدورة وهو “فن الإلقاء ومخاطبة الجماهير” والذي هو عبارة عن دورة تمهيدية في فن الالقاء وستتبعه دورات إن شاء الله تعالى متسلسلة تختص في باب الحديث والخطاب في مجالات متعددة كالخطاب المتعلق بالمدرس في الابتدائي والاعدادي والجامعي، والخطاب المتعلق بالسياسي الذي يخطب في الجماهير، والخطاب المتعلق بجانب الإعلام أو الصحافة كيف يتحدث إن على مستوى الإذاعة أو التلفزيون أو أمام الناس وغير ذلك من المجالات. وبما أن كل محاضرة أو فعل علمي إلا وتحكمه أهداف واستراتيجية كذلك فإن لهذه الدورة أهدافها التي حددها في ثلاث نقط أساسية:
الهدف الأول معرفي: حصول المتلقي من خلاله على معارف وقيم تساعده على إتقان فن الإلقاء وعلى مخاطبة الجماهير مخاطبة فعالة تحقق اغراضه.
الهدف الثاني وجداني: ربط الجمهور من خلاله بمقابلة الناس والتحدث إليهم، وذلك بترغيبهم في هذا الأمر وجعلهم يحبونه وهذا الأمر من مقومات الحياة، وهذا أمر ومطلب إنساني ووسيلة لإبلاغ الرسالة في الحياة وقد نص عليه القرآن في قوله تعالى على لسان سيدنا موسى عليه السلام: “رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، فهذ الدعاء من بين المطالب الأساسية التي ألح عليها سيدنا موسى عليه السلام لما أرسله الله عز وجل إلى فرعون ليُيلغه رسالته ، فهذه الآية القرآنية تدل على أن التحدث وسيلة ضرورية للإنسان الرسالي في الحياة لكي يبلغ رسالته إلى الناس، وموسى فقه هذه الحقيقة ولذلك دعا الله بها ونص عليها في القرآن ليدلنا على أهمية هذا المطلب. كما تتضح أهمية التحدث والخطاب من خلال ما قاله اللورد مورلي في كتاب” فن الخطابة” لكارنيشن: “هناك ثلاثة أشياء مهمة في الخطاب:
من يلقيه، وكيف يلقيه، وما الذي يقوله. والشيء الأقل أهمية من بين هذه الصفات الثلاثة هي الأخيرة أي ما الذي يقول”، بمعنى كيف تُلقي ذلك المضمون وكيفية إيصاله للناس.
الهدف الثالث مهاري: ويقصد به الوصول بهذه المعارف إلى إنجازات ومهارات حقيقية، واكتساب مهارات معرفية وتطبيق المعارف العلمية، وهذا من بين الإصلاحات العلمية التي تسعى الجامعات اليوم لإدخالها في نظامها التعليمي لإدراكها بمدى أهمية مهارات التواصل والإلقاء
بعد هذا التقديم انتقل إلى موضوع الدورة والتي جعل محاورها كالتالي:
مقومات الإلقاء الفعال:
- الرغبة القوية: يقول ويليام جيمس -عالم نفس-“في أي موضوع تقريبا تقودك عاطفتك نحو الموضوع فإذا كنت تهتم جدا بالتوصل على نتيجة فإنك ستصل إليه بالتأكيد”لذا فان الرغبة شيء مهم لاختيار الإنسان في الحياة كما قال أحد العلماء: ” تتوقف مسألة نجاحك كخطيب على أمرين:مقدرتك الذاتية، وعمق وقوة رغبتك”
- العلم والعمل بموضوع الحديث: الإحاطة بالموضوع واستيعابه وترتيب أفكار حوله، وجمع أدلته قبل التحدث فيه وجل الكتب التي تتحدث عن الالقاء تتحدث عن العمل أيضا لأنه ضروري لشحن الإنسان بالقوة والطاقة.
- التحضير والإعداد: جمع ما أمكن من الأدلة والنصوص لإلقاء موضوع ما رغم عدم استعماله لتلك النصوص كلها بل يتركها كاحتياط يستعملها في فرص أخرى، وهذا التحضير يتطلب أمورا نُجملها في:
- معرفة الجمهور وحاجاته في هذا الوقت بالضبط.
- تحديد الموضوع وخطته للتركيز واختصار الوقت.
- كتابة الموضوع مفصلا ومُختصرا في بوربوينت لإلقائه في محاضرات وندوات بشكل مختصر.
- بيان أهمية الموضوع وتحليل قضاياه: من خلال التحضير والإعداد له وتحليل قضاياه وعرض أدلته والاستدلال لها.
خاتمة: يُقدم فيها خلاصة بحثه ثم النتائج التي توصل إليها ثم آفاق هذا الموضوع في المستقبل مع التواضع للجمهور وشكرهم على صبرهم ومتابعتهم.
- التبكير في الحضور والتأخر في الانصراف.
- استثمار طاقات الذاكرة للاستدلال وتقديم الشواهد.
- ضبط النصوص للقوة في الأداء تفاديا للوقوع في أخطاء الالقاء.
- التسلسل المنطقي والترتيب بين الأفكار.
- الأسلوب اللغوي البسيط في التعبير.
- الإيقاع والأداء الصوتي والجرس الموسيقي في الأداء.
- القدرة على الارتجال والبداهة.
- أساليب الإلقاء وتتجلى من خلال:
- الممارسة والتدريب إضافة إلى ضبط حركات الجسم والنطق والصوت والاتصال البصري.
- الإصرار والمثابرة للوصول للمبتغى.
- التحدث والكلام بشكل طبيعي.
- الحرص على اللباس الجيد لمواجهة الجمهور.
- الابتسامة.
- تجميع الجمهور.
- التهوية للشعور بالراحة.
- ضبط الأجهزة قبل النشاط.
وفي ختام مداخلته قام بعرض شريط يوتيوب يُبين نموذج ناجح لشخصية بارزة في فن الإلقاء وهو محمد ياسين صالح في برنامج “فصاحة”، بعدها مُباشرة توجه بالشكر الجزيل للجمهور الكريم الذي صابر ورابط لحضور هذه الدورةُ، ثم فسح المجال للتعقيب والمناقشة، بعد ذلك قام بتشجيع أحد الطلبة المتدخلين على شجاعته وجرأته في الالقاء، حيث استدعى مدير دار الشباب بوتلامين ليقدم له هدية عبارة عن كتاب تشجيعا له على تفوقه في الأداء، وفي الختام تم أخذ صورة تذكارية، وبعدها جدد شكره للحضور وانتهت الدورة في تمام الساعة السابعة مساء.
[1] ) مصطفى صادق الرفاعي من وحي القلم
[2] ) صحيح البخاري كتاب الأدب، باب صنع الطعام والتكلف للضيف
[3] ) سورة طه آية: 25
[4] ) فن الخطابة
[5] ) ويليام جيمس
[6] ) كارنيجي