الحدث بريس:العربي كرفاص.
اِحتضنت رحاب الخزانة البلدية بمدينة سيدي سليمان، يوم 25 ماي الجاري، ندوة تربوية حول موضوع ” إصلاح منظومة التربية والتكوين: الرهانات والآفاق”، من تنظيم جمعية فضاء الأجيال والمستقبل فرع دار بلعامري.
تندرج هذه الندوة في إطار تفعيل بنود الشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وعرف هذا اللقاء حضور ثلّة من المفكرين والمفكرات والمثقفين والمثقفات، ونساء ورجال التربية والتكوين والتلاميذ والتلميذات والأمهات والآباء وأولياء الأمور. في كلمته الافتتاحية بالمناسبة، رحب مسيّر الندوة الأستاذ قاسم الرميشي بجميع الحاضرات والحاضرين، وذَكّر بدواعي وسياق وحيثيات هذا اللقاء الفكري الهام.
في مداخلة أولى تناول الأستاذ خالد زروال، الباحث في مجال التربية والذي يشغل مديرا إقليميا لوزارة التربية والتكوين بمديرية الخميسات، المرجعيات والأطر الفلسفية لبيداغوجيتي التدريس بالأهداف والتدريس بالكفايات، وتوقف مليا عند بيداغوجية التدريس بالكفايات، وخاض بعد ذلك بشكل مفصل في موضوع المنهاج المنقح، وقال في هذا الصدد بأنّ المنهاج المنقّح عرف النُّور مع مطلع الموسم الدراسي 2014/2015، وأنه ليس هناك تغيير جدري في البرامج والمناهج، ولكن تنقيح فقط، وأردف موضحا بأنه لأول مرة يتم تحديد تصور عام من طرف الفاعل السياسي، وبعد ذلك يتدخل الفاعلون في الميدان من أجل التجريب والتعميم، وأضاف ذات المتحدث بأنّ الجديد في المنهاج المنقح هو أنه لم يهمل مكَوِّن القيم؛ حيث أنّه ارتبط بقيم المواطنة.
من جهته، تطرق الأستاذ المحجوب الدريوش ، الإعلامي المتخصص في شؤون التربية والتكوين، ورئيس مصلحة الشؤون القانونية والمنازعات بالمديرية الإقليمية للتربية والتكوين بسيدي سليمان إلى كرونولوجيا الإصلاحات التربوية بالمغرب، منذ فجر الاستقلال مرورا بالميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى اعتماد الرؤية الاستراتيجية 2015/2030، وأضاف بأنّ تاريخ التعليم بالمغرب هو تاريخ إصلاحات، كما أشار إلى الصراع الإديولوجي الذي يكتنف المنهاج، وكيفية التعامل مع المناهج والبرامج للضبط الاجتماعي، واستطرد الأستاذ المحجوب قائلا بأنّ مفهوم المواطن الصالح هو مفهوم نسبي، ودلّل على ذلك ببعض البلدان كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا الشرقية ، وختم تدخُّله بالعبارة التالية: “أما في المغرب فبقي هناك صمت عن معنى المواطن الصالح”.
أما الأستاذ سعيد الشقروني، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس، وباحث في المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة، فقدّم للكتاب موضوع التوقيع، إذ نوّه بالعمل الذي قام به الكاتب، الذي يندرج، حسب رأيه، في إطار الأبحاث التي ترتقي بالمنظومة التربوية نحو الأفضل، واعتبره إضافة نوعية للباحث الأكاديمي ممارسة وتنظيرا. وأضاف المتحدث عينه بأنّ مؤلّف الكتاب يرى بأنّ مظاهر الأزمة التربوية تتعدّى ما هو مادّي وكمي، إلى ما هو أكبر وأعم، وهو تراجع الأدوار الريادية لمؤسسات التربية والتعليم والبحث العلمي والجامعات. بعد ذلك أعرب الأستاذ الشقروني عن رأيه بعجالة واقتضاب على مضامين الفصول الأربعة للكتاب؛ حيث أوضح بأن الدكتور رشيد الجرموني وقف في الفصل الأول عند أهم المظاهر التشخيصية لواقع المنظومات التربوية في المنطقة العربية، وفي الفصل الثاني أبرز المؤلف، حسب المتدخل عينه، تجليات أزمة المنظومات التربوية، أما الفصل الثالث فتناول فيه الكاتب العوامل المفسرة لأزمة المنظومات التربوية، والتي أوجزها في العوامل السوسيوسياسية والعوامل السوسيوثقافية والعوامل السوسيو- تنموية، وفي الفصل الرابع والأخير، يقول ذات المتدخل، بأنّ صاحب الكتاب تحدّث فيه عن أهم المداخل التي يعتقد بأنها قمينة بإصلاح المنظومات التربوية بالمنطقة.
ولكي تكتمل الحلقة، كان لا بد للمحتفى به ومحور اللقاء الدكتور رشيد الجرموني أن يتناول الكلمة؛ حيث شَكَرَ بالمناسبة المديرية الإقليمية للتربية والتكوين بسيدي سليمان، وجمعية فضاء الأجيال والمستقبل فرع دار بلعامري ، وأعرب عن تثمينه لهذه الندوة التربوية. وأوضح بأنه أضاف للنسخة الجديدة من مؤلفه، موضوع التوقيع، فصلا جديدا تحت عنوان: سوسيولوجيا المناهج، كما أكّد الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، بأنه فشل منظومات التربية والتكوين في المنطقة ليس مردّه إلى ضعف الإمكانيات المالية واللوجيستيكية والموارد البشرية، بقدر ما يعود إلى غياب منظور تنموي واضح المعالم والآفاق.
بعد ذلك فُسِحَ باب النقاش والتفاعل للحاضرين والمتدخلين، حيث التأمت الآراء على وجود أزمة، مع تقديم بعض الاِقتراحات لتجاوزها أو على الأقل التخفيف من حدّتها.
قبل إسدال الستار على فعاليات هذه الندوة العلمية، أُقِيمَ حفل شاي على شرف الحاضرات والحاضرين، وذلك بتزامن مع حفل توقيع الكتاب الجديد للدكتور رشيد الجرموني الموسوم بِـــــ”المنظومات التربوية العربية والتحدي المعرفي، مداخل للنقد والاستشراف”، كما أُخِذَت صور تذكارية تخليدا لفعاليات الندوة.