حصلت إسبانيا على تقييم سلبي من طرف المغاربة هو الأسوأ مقارنة مع باقي دول العالم، وفق استطلاع للرأي أنجزه معهد تفكير استراتيجي رسمي تابع للدولة الإسبانية. وهذا يدل على تفاقم الشرخ بين الرأي العام لدى شعبيْ ضفتي مضيق جبل طارق.
في هذا الصدد، نشر معهد التفكير الاستراتيجي “ريال إلكانو” مؤخرا دراسة تهم صورة إسبانيا في العالم، أي كيف تراها شعوب باقي الدول وخاصة الدول التي تعتبر مهمة لإسبانيا مثل دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية والقوى الكبرى ودول الجوار مثل المغرب. وتحرص الكثير من الدول على تقديم صورة إيجابية عنها أمام الرأي العام الدولي وتخصص ميزانيات كثيرة في هذا الشأن بل وأصبح هذا الهاجس من صميم العمل الدبلوماسي وفرصة للكثير من الشركات للربح وخاصة في التعامل مع دول غير ديمقراطية تريد تزيين صورتها للتغطية على فظاعات الحكم.
وحصلت إسبانيا على أعلى تقييم في بولونيا كدولة نموذجية، بينما حصلت على أسوأ تقييم في المغرب. وكتبت جريدة “كونفدنسيال” نهاية الأسبوع الماضي، أن هذه الدراسة وإن كانت نتائجها تنشر الآن، فقد جرى إنجازها قبل انفجار الأزمة المغربية- الإسبانية خلال مايو الماضي على خلفية الصحراء، وهي الأزمة التي مازالت قائمة حتى الآن، حيث توجد السفارة المغربية في مدريد بدون سفير. وعمليا، لو كان استطلاع الرأي قد أنجز بعد الأزمة لكانت صورة إسبانيا أسوأ بكثير من نتيجة الدراسة.
وتُجري إسبانيا مثل هذه الاستطلاعات التي تشمل المغرب أساسا، بل تعتبرها بمثابة بوصلة مساعدة في العمل الدبلوماسي، في حين لا تقوم الدولة المغربية باستطلاعات للرأي سواء لتقييم صورة المغرب في الخارج أو كيف يرى مواطنوه استراتيجية للمغرب.
ورغم المشاكل التاريخية بين المغرب وإسبانيا، كانت صورة الأخيرة إيجابية في أعين المغاربة الذين كانوا يودون انتقالا ديمقراطيا على شاكلة الانتقال الديمقراطي الإسباني ثم تحقيق قفزة اقتصادية نوعية مثل التي حققتها إسبانيا. لكن خلال السنوات الأخيرة، وقع العكس، فقد تفاقمت الأزمات بين البلدين وتراكمت الأحكام المسبقة مثل تصرف إسبانيا في مجمل النزاعات.
ولعلّ العامل الرئيسي في تراجع صورة إسبانيا هو تركيز الإعلام المغربي وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف على العلاقات مع مدريد. وتحولت إسبانيا رفقة الجزائر من الدول التي تحظى بأكبر نسبة من الاهتمام الإعلامي أكثر بكثير من أي دولة أخرى مثل فرنسا أو الولايات المتحدة.
ويأتي هذا التحول ليجعل شعبي ضفتي مضيق جبل طارق في مواجهة بالأحكام المسبقة والصورة النمطية. وإذا كانت صورة إسبانيا قد تراجعت في المغرب، فصورة المغرب سيئة للغاية في هذا البلد الأوروبي. وتكشف استطلاعات الرأي ومنذ أكثر من أربعة عقود كيف يعتبر الإسبان المغرب مصدر الخطر الذي يهدد استقرارهم.
وأعلنت حكومتا الرباط ومدريد في عدد من المناسبات عن تشكيل لجان خاصة لمحاربة الأحكام المسبقة بين البلدين ومنها لجنة ابن رشد، لكن جميع المحاولات لا تلقى طريقها للنجاح، إما بسبب غياب خبراء التواصل، أو بسبب عدم استمرارية عمل هذه اللجان.