الحدث بريس:مراسلة.
في وقت أعلنت فيه وزارة التربية الوطنية عن اتخاذ جملة من الإجراءات “الشكلية” من أجل الرقي بجمالية فضاء المدرسة العمومية المغربية، من قبيل دعوة الأساتذة إلى الاعتناء بهندامهم، وفي وقت تسابق فيه الزمن لتجهيز المدارس بمقاعدَ وطاولات وكراسيَ جديدة، يعيش أطفال بلدة الحسيان بإقليم زاكورة الحرمان من الدراسة، بسبب غياب مدرسة تُنقذهم من براثن الأمّية، رغم أنّ دستور المملكة ينصّ على أنَّ “التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والمدرسة”.
منذ أزيد من عقْد من الزمن، يُطالب سكان هذه البلدة الجهات المعنية بتشييد مدرسة ابتدائية لأبنائهم وبناتهم، دون جدوى، وعادوا ليرفعوا مطلبهم هذا، مجدّدا، إلى وزير التربية الوطنية، بمناسبة زيارته الأخيرة إلى زاكورة، بعدما فقدوا الأمَل في الجهات الأخرى التي تعبوا من مطالبتها بتوفير حجرات دراسية لأزيد من 20 طفلا لمْ تطأ أقدامهم الفصول الدراسية، رغم أنهم في سنّ التمدرس.
يقول الحبيب، واحد من سكان بلدة الحفيان، إنّ أطفال البلدة لم يسبق لهم أن التحقوا بالمدرسة قطّ، مضيفا أنَّ منتخبي المنطقة يُولُون أهمّية كبرى لهذا الموضوع، لكنْ حينَ تقترب الانتخابات فقط؛ إذ يَعدون المواطنين بالعمل على إحداث مدرسة في المنطقة، وبمجرد انتهاء الانتخابات يتمّ نسيان هذا الموضوع، موردا أنَّ غيابَ مدرسة في البلدة دفع عددا من أهلها، ممّن تُسعفهم الإمكانيات، إلى الهجرة لتمكين أبنائهم من نيْل حظّهم من التعليم.
يبلغ عدد الأطفال البالغين سنَّ التمدرس في بلدة الحفيان 21 طفلا، لكنهم لا يدرسون؛ فأقرب مدرسة ابتدائية إليهم توجد في مركز تاسمينخت. لا تضمّ هذه المدرسة الابتدائية الصغيرة سوى ثلاث حجرات دراسية، بحسب إفادة لحسن مفاتيح، رئيس جمعية تاسمينخت لعوينة جرف النخيل، لكنّ الوصول إليها بالنسبة إلى لأطفال القاطنين في بلدة الحفيان يكاد يكون مستحيلا؛ إذ تبعُد بأزيد من 12 كيلومترا، فضلا عن وعورة تضاريس المنطقة الجبلية، وعدم توفّر طريق سالكة تُوصِل إليها.
“هادي أكثر من 12 عام والناسْ المعنيين كيقولو لينا واخا غادي نشوفو ديك القضية (بناء مدرسة في بلدة الحفيان)، ولكن إلى حدّ الآن ما زال ما كايْن والو”، يقول الحسن مفاتيح، ويُعبّر الحبيب عن القنوط الذي دبَّ في نفوس ساكنة البلدة من وعود المسؤولين التي لم تتحقق، بالقول: “ما عرفناش واشْ حْـگرونا ولا اشنو؟ حْنا كنطالبو غير بمدرسة حيت ولادنا ما كايْديرو والو، غير ضايْعين فالخْلا هاد الساعة”.
بلدة الحسيان، التابعة لجماعة أولاد يحيى لكراير بإقليم زاكورة، لا تفتقر فقط إلى مدرسة، بل تفتقر إلى أبسط التجهيزات وشروط العيش الكريم؛ إذ لا تتوفر على طريق معبّدة، رغم أنّ السكان تلقّوا وعودا بذلك منذ خمس سنوات، كما تفتقر إلى الكهرباء، أما شبكة التغطية الهاتفية، فإن سكان البلدة يُدرجونها في خانة الأحلام. وبسبب هذا الوضع، يضطر أغلبُ شباب البلدة إلى الهجرة بحثا عن حياة أفصل في أماكن أخرى، يقول رئيس جمعية تاسمينخت، مضيفا: “الناس مْساكن اللي عايشين فهاد البلاد ما عندهم وّالو”.