هو مكانٌ أقرب مايكون إلى قاعة تضم مسرحاً ومقاعد صُممت بعناية فائقة لجلوس المشاهدين (أقصد النواب).
مكانٌ يجتمع فيه المتخالفون والمختلفون، الرافضون والموافقون ليجلسوا على هذه المقاعد تحت قبة مايسمى بالبرلمان كما يحلوا لهم تسميته. يقولون كلمتهم ويرفعون أيديهم وتصدح أصواتهم بنعم أو لا. ويحددون مصير بلدهم وشعبهم.
مساحة مكانية تقرر مصير القادم من الأيام، يقررها هؤلاء تحت هذه القبّة في مقاعد اعتادت على تقاسمها الطوائف والكتل والأحزاب، كل حسب حجمه ولونه.
من هذا المكان تنطلق السلطة التشريعية التي اعتدنا تسميتها من الدستور. لتعلن عن ولادة أي حكومة جديدة أنتجتها إنتخاباتنا.
نعم..ذلك هو مسرح البرلمان الذي نجلس أمام شاشات التلفاز لنرى ذلك الجمع المصغر من الذين أنتجهم الحبر البنفسجي وهم يقامرون بمستقبلنا بفوضى. هرج ومرج وكأننا جالسين أمام مرآة لنرى فيها أنفسنا أو ذلك المجتمع الذي نعيش فيه…انظروا إلى خلافاتهم، وإشكالاتهم ستجدون أنها تعكس واقعنا الرديء والمتخلف المليء بالمتناقضات، أولئك الجالسون أمام مسرح البرلمان يمثلون الشعب في تناقضاتهم المتناقضة من الذين اتفقوا على أن لايتفقوا. إلى درجة أن البرلماني الذي لايجد من يتعارك معه في البيت سيجد حتماً من يتعارك معه تحت قبّة البرلمان..فمرحى لنا بهم.
يثبتون لنا يوماً بعد يوم حقيقة نخشاها أو نكاد البوح بها، هي أن حياتنا وخيارنا ومستقبلنا أصبح مثل هذا السيرك الذي يتقافز فيه المهرجون والكُومبارس. ونحن نتفرج عليهم، ونضحك منهم، ومن أنفسنا. ونلعن ذلك القَدر الذي وضعنا في الزمان والمكان الخطأ، ذلك المكان الذي من المفترض أن يكون لنا إطلالة أمل ومبعث مستقبل لأطفالنا ومصدر القرار الذي يُعيد لنا الثقة بحلمنا الضائع، ليتحول إلى حلبة للملاكمة ومسرح يؤدي فيه الممثلون أدوارهم بصورة سوداوية مُعتمة تجعل الصورة مقرفة، كقرف حياتنا التي نحياها. وكم نغرق في بحر من السذاجة والاستغفال عندما يتكرر خداعنا.
وهنا يخطر إلى ذهني سؤال، لماذا يقضي أغلب البرلمانيين دوراتهم الانتخابية ويخرجون منها وهم أصحاب كروش ووجنات مُنتفخة؟ سؤال لا أدري جوابه..وربما ندري من يعلم.