الحدث بريس : مصطفى كمال
تشكل سوسيولوجيا الفن مدخلا محوريا في بناء صياغة معرفية
للفعل الابداعي على أساس أن الفن ينتج من الأسس والقضايا المحورية التي يعالجها هذا الحقل : كالمفهوم المعياري للفن وخصوصياته البنيوية ، وطبيعته التركيبية ، وعلاقة الارتباطات مع الشرط التاريخي الاجتماعي للمجتمع ، ونوعية العلاقات الجدلية الممكنة ، ثم علاقات القوى الاجتماعية بعملية إنتاج الفن ، وكيفية تعامل مجتمعات معينة مع فنون بعينها ، بل وكيف يتم إنتاج عمل فني في فضاء اجتماعي، وعن ماهية الفنان ، وكيفية انتقال العمل الفني من الفنان للجمهور.. كما يعلل طرح السوسيولوجيا الامكانات و الشروط والضرورات التاريخية لظهور أنواع فنية بعينها في مجتمعات بعينها ؛ على خلفية نشأة أنواع فنية جديدة في مجتمعات بعينها ، تأتي دائماً كاستجابة لضرورات ظرفية اجتماعية محددة دون غيرها.
كيف ينتج الفنان داخل بنية اجتماعية ؟
كيف يمارس إبداعاته الفنية كشكل من اشكال الخطاب؟
ثم عن مكانة الفن في البناء العام للمجتمعات الحديثة ومن ثم المكانة التي تشغلها فنون بعينها داخل المشهد الاجتماعي المعاصر وطبيعة منطق شغل تلك الفنون بالذات لتلك المكانة بعينها فسوسيولوجيا الفن تذهب إلى البحث في المعطيات المتعلقة بالخصوصيات ، و الخصائص فنية ذاتية ودائمة وإشكالية بناء ثقافة الذوق داخل جماعات وأفراد ، وكيف يصنع المعيار بناءا على قواعد مصالح جماعات مختلفة ضمن صراعات طبقية ذات لون ديني ، او طائفي .. هو ما يعتمل في فضاء صناعة الفن وتقييمه على السواء.. وعليه يتم تعرية ادعاء أي طرف بكون الفن ينتمي إلى ما هو أرقى أو أعلى مما هو اجتماعي بحت.
إن السؤال الأساسي الذي اشتغلت على سوسيولوجيا هو فهم طبيعة العلاقة بين التطورات التقنية الفنية و التغيرات على مستوى التشكيلات الاجتماعية التي أسست عليها مثل هذه التطورات التقنية.
وإن تقييم أي عمل من خلال مقاربة سوسيولوجية يعلل مرجعيا من بنية الدوافع التي من أجلها أطلقت جماعة ما على مثل هذا العمل نوعا من التوصيف ، فالأفكار المهيمنة حول الفن ستكون بالضرورة معبرة عن تفضيلات المجموعة المهيمنة في ذلك المجتمع و قد يتخذ شكل الجماعات الإثنية أو العرقية، .من الطبيعي حسب الرؤية السوسيولوجية هناك ترابط جدلي بين الظروف التاريخية لإنتاج العمل الفني وشروط استقباله..
ثم إن التشكل التاريخي لأنماط التقبل الفني المعاصرة لهذا الفن دون غيره هو الجواب على نمطية المحتوى والشكل الذي يعالج به ظاهرية وعمق المجتمع ، فتشريح تاريخية التلقي هي نتاج ظهور مجموعة أو مجموعات تأسس تنميطا لرؤية التي تشتغل عليها مرجعياتهم المادية والرمزية وهذا ما يفسر نوعا من تجلي فني للفعل السياسي داخل الطبقة والمجتمع.