منطقة الناظور كانت وجهة للتهريب والهجرة غير الشرعية إلى الديار الأوروبية، و بفعل الجائحة وحالة الطوارئ والحصار المضروب على المناطق العبور أصبح الوافدون على الإقليم محاصرون وفي وضعية تشرد.
وموازاة معها يلاحظ كذلك توافد أفواج من الشباب العاطل بهدف البحث عن العمل أحيانا من أجل الهجرة إلى ضفة الأخرى ، الفعل الذي ترتبت عنه ظواهر خطيرة خاصة بمدينة الناظور ، العروي ، بني انصار و زايو ..المدن التي تشهد تزايد ملفة للنظر لأطفال الشوارع و معهم المتسكعين و المتشردين و المتسولين و أحيان منهم مجرمون للتخفي بحجة البحث عن العمل .
منهم من يهددن الساكنة والممتلكات وآخرون يصبحوا ضحايا جعلتهم الظروف الاجتماعية إما مستهلكين للمخدرات أو عرضة للانضمام إلى الشبكات والعصابات الإجرامية ، و لا تخفى عنا أسباب ودواعي تفشي الظاهرة ، نجدها مرتبطة أساسا بظواهر اجتماعية تتمثل في الفقر والبطالة.
وقضايا الطلاق التي تجع الآباء يتخلون عن مسؤولية التكفل بالأبناء و الآباء و الأمهات، ليصبحوا بذلك عرضة للتشرد و الضياع وبفعل وقف الشغل وتعطيل جل المرافق المذرة للدخل بسبب الجائحة ، أدت هذه الهجرات الجماعية و الفردية إلى تزايد أعداد العاطلين عن العمل بالإقليم ، في ظل عدم قدرة السلطات و معهم جمعيات المجتمع المدني على احتواء الوضع وتقديم الدعم المادي لضحايا الجائحة وكذا إطعام المشردين و المتسولين ، و نحن مقبلين في فصل الشتاء.
علما أن الظاهرة تتطلب إرادة حقيقية لمعالجتها والتي أصبحت تتنامى بشكل تصاعدي ، و مع هذا نجد عدد المتسولين و المشردين من خارج و داخل المنطقة لا يمكن ضبطه أو محاصرته بفعل تحركاتهم المستمرة و انتقالهم من شارع لأخر بحثا عن مكان آمن لاحتضانهم وانتشالهم من الوضعية التي يعيشونها ، نجد من بينهم قاصرين وكذلك المسنين و حتى النساء و يعيشون دون هدف وعرضة للاعتداء عليهم ، فيصبح منزلهم الشارع و غطائهم السماء و فراشهم الأرض و مأكلهم من التسول و بقايا الطعام ، وعادة ما يشاركون القطط والكلاب في حصيلة القمامة، و ليس لهم من رغبة أخرى في هذه الحياة غير الركض بحتا عن المصير المجهول ، و إذا ما استمرت الحالة قد يتعرض الضعيف منهم للتعنيف و الاغتصاب، أو التعاطي للمخدرات و الانخراط العفوي في أعمال إجرامية دون التفكير في العواقب.
حيث نجد الضعيف منهم يمتهن التسول أو التعاطي للدعارة و مخدر (السيلسيوم)،و في ظل غياب الرحمة و الشفقة يموت بعضهم موتا بطيئا ، وأما الأقوياء منهم سيدخلون عالم الجريمة و التطرف من بابه الواسع ، بعد أن يشعروا بأن أبواب الرحمة قد أغلقت في وجههم و أن أحلامهم قد تبخرت ، و اقتناعهم بعجز المجتمع على احتواءهم و احتضانهم و إخراجهم من الوضعية المأساوية التي يعيشونها و الأمثلة كثيرة و متنوعة، ما يتطلب وضع خطة اجتماعية و أمنية استباقية عاجلة.
ومن جهة أخرى، البحث عن أسباب فشل المركز الإقليمي للمساعدة الاجتماعية و معه جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في محاصرة الحالة ، من خلال إعادة إدماج المشردين و التفكير في سبل وطرق معالجتها قبل استفحالها و تصبح ظاهرة يصعب بذلك وقفها.
ومن غرائب الواقع المؤلم أنه رغم بناء بعض من المؤسسات الاجتماعية الخاصة بهؤلاء الأشخاص الذين يعيشون أقصى حالات التهميش في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومندوبية التعاون الوطني التابعة للعمالة، واحتضان عدد من هؤلاء.
جدير بالذكر أن هذا الواقع المؤلم يشير إلى استفحال هذه الظواهر وتكاثرها وتناسلها وتتجسد في انتشار هؤلاء المتسكعين والمتشردين بأعداد كبيرة بمختلف أنحاء مدن إقليم الناظور بل يتخذون من أرصفة الشوارع الرئيسية أسرة إسمنتية لهم، ويمنحون صورا قاتمة للتخلف والظلم والتهميش والإهمال، ويؤثثون مشاهد المدينة حيث أصبحت مألوفة لدى المواطن والزائر والسائح.