في ظل تصاعد التحديات التي تواجه أنظمة التقاعد بالمغرب، أعلنت الحكومة عن انطلاق مرحلة جديدة وحاسمة في مسار إصلاح هذا الورش الاجتماعي الكبير، الذي يمس بشكل مباشر مستقبل ملايين الموظفين والأجراء والمتقاعدين.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن جميع الأطراف المعنية باتت مقتنعة بضرورة معالجة هذا الملف الحيوي بشكل جذري ومستدام. جاء ذلك عقب اجتماع اللجنة الوطنية لمتابعة ملف إصلاح التقاعد، الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الخميس بالرباط، في إطار تفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي لدورة أبريل 2025.
وأشارت فتاح إلى أن الاجتماع مر في أجواء إيجابية، وعكس وعيًا جماعيًا من مختلف الفاعلين بضرورة التحلي بروح المسؤولية والانخراط البناء في هذا الورش الاستراتيجي. وأضافت أن اللقاء ناقش الوضعية الحالية لصناديق التقاعد، وتم الاتفاق على منهجية عمل تقوم على الحوار التشاركي والمعالجة التقنية الدقيقة، بهدف بلورة تصور شامل لإعادة هيكلة النظام وضمان استمراريته.
وأفادت الوزيرة بأن المرحلة المقبلة ستعرف انطلاق سلسلة من اللقاءات التقنية، ابتداءً من شهر شتنبر القادم، لتقديم التصورات المقترحة من قبل جميع الأطراف المعنية وتقاسم المعطيات المالية والديموغرافية المتوفرة لدى صناديق التقاعد. الهدف هو الوصول إلى تشخيص مشترك وموضوعي يحدد مكامن الخلل ويضع أسس الإصلاح.
وأكدت فتاح أن الغاية من هذه المشاورات لا تقتصر فقط على معالجة العجز المالي المحتمل، بل تسعى كذلك إلى الحفاظ على مكتسبات المنخرطين والمتقاعدين، وتعزيز الثقة في مستقبل النظام التقاعدي الوطني. وشددت على أن حضور ممثلي النقابات والقطاعات الوزارية والفاعلين الاقتصاديين يعكس جدية الحكومة في التوجه نحو إصلاح شامل ومنصف.
ويرتقب أن يفتح هذا المسار الباب أمام إصلاح عميق يستجيب لتحديات التشيخ السكاني وتزايد الضغط المالي على صناديق التقاعد، في أفق إرساء نظام تقاعد أكثر عدالة واستدامة، يضمن الحماية الاجتماعية للأجيال الحالية والمقبلة.