منذ أن هز زلزال مدمر منطقة الحوز في 8 سبتمبر 2023، اجتمع المغرب على مساندة المتضررين من هذه الكارثة الطبيعية. لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف على المأساة، لا تزال مشاهد المعاناة تسيطر على حياة العديد من السكان الذين يقاومون قسوة البرد والمطر في خيام بلاستيكية لا توفر الحد الأدنى من الحماية أو الراحة.
ورغم الوعود الحكومية والتصريحات الرسمية، يبدو أن الفجوة بين الواقع والوعود تتسع يوماً بعد يوم.
تزامنًا مع عودة الأمطار التي جادت بها السماء بعد سنوات عجاف، يعيش سكان منطقة الحوز في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالكارثية.
في الوقت الذي يجد فيه معظم المغاربة الأمان والراحة في منازلهم، يتعرض سكان الحوز إلى ظروف معيشية تزداد قسوة مع تراجع درجات الحرارة، الأمر الذي زاد من معاناتهم.
تتداول مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مشاهد مأساوية لأطفال صغار يرتجفون من البرد، ونساء يصرخن طلبًا للمساعدة، وآباء مسنون يحملون في عيونهم ما لا يستطيع اللسان التعبير عنه.
على الرغم من مرور أكثر من عام على الزلزال، لا تزال العديد من الأسر في الحوز تعيش في خيام لا تكاد تحميهم من هجوم الرياح الباردة والأمطار الغزيرة. ورغم المبالغ الضخمة التي رُصدت لإعادة إعمار المنطقة، يظل الواقع بعيدًا عن الطموحات.
الحكومة المغربية لم تُنفذ وعودها كما كان متوقعًا، ما أثار موجة من الغضب في أوساط المواطنين الذين بدأوا يطرحون أسئلة حارقة حول أسباب هذا التأخير المستمر.
ميزانية تقدر بـ120 مليار درهم كانت قد خصصت لإعادة إعمار المناطق المتضررة، لكن الأسئلة التي يطرحها العديد من المتابعين، خصوصًا في ظل التزامن مع فصل الشتاء القارس، هي: أين ذهبت هذه الأموال؟ وما هي الجهود التي قامت بها الوكالة المسؤولة عن تنمية الأقاليم المتضررة؟ لماذا لا يزال السكان يفتقرون إلى أبسط شروط الحياة الإنسانية بعد هذه الفترة الطويلة؟ المسؤولون يواصلون الحديث عن تقدم الإعمار، لكن الصورة على الأرض تقول عكس ذلك تمامًا.
في وقت يعاني فيه سكان الحوز من ظروف قاسية، يظل المواطنون يتساءلون: كيف يمكن لوكالة مخصصة لهذه المهمة أن تظل غير قادرة على تحريك ملف الإعمار؟ كيف يعقل أن يظل المواطنون في الحوز محاصرين بالبرد والمطر، بينما المسؤولون في راحة تامة؟ هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة وتُظهر الهوة الكبيرة بين الواقع والوعود التي أطلقتها السلطات.
إن ما يحدث في الحوز ليس مجرد تأخير في عملية الإعمار، بل هو تعبير عن فشل الحكومة في التعامل مع الأزمات الكبرى. على الرغم من تخصيص ميزانية ضخمة، يبقى المواطن البسيط في الحوز في مواجهة معاناته اليومية، في حين أن المسؤولين يبدو أنهم بعيدون كل البعد عن هذه المعاناة. لا يمكن للعدالة الاجتماعية أن تتحقق في ظل هذا التفاوت الصارخ بين الوعود الحكومية وبين الواقع الذي يعيشه المواطنون.
المغاربة اليوم ينتظرون فعلًا ملموسًا من الجهات المعنية لإعادة بناء المنطقة وتوفير سكن لائق للمتضررين. إن تقاعس الحكومة في الوفاء بالتزاماتها قد ينعكس بشكل سلبي على مصداقيتها، وقد يزيد من حالة الغضب الشعبي الذي يتزايد يومًا بعد يوم. إن الوضع في الحوز يتطلب تدخلًا سريعًا وفعّالًا، على المستويات كافة، لضمان حياة كريمة للمواطنين الذين عانوا بما فيه الكفاية.