في تطور لافت للنظر، تشير الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط في المغرب إلى تغييرات ملموسة في العادات الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، لاسيما فيما يتعلق بممارسة شعيرة عيد الأضحى. وفقًا لبحث أجرته المندوبية سنة 2022، لم تمارس حوالي 13% من الأسر المغربية هذه الشعيرة، في ارتفاع ملحوظ مقارنة بـ 4.7% سنة 2014.
هذا الارتفاع الملحوظ يعكس تغيرات اجتماعية واقتصادية مهمة، حيث يبدو أن الظاهرة مرتبطة بشكل رئيسي بالتوزيع الجغرافي والتركيب الديموغرافي للأسر. وتسجل هذه الزيادة بشكل أكثر وضوحا في المناطق الحضرية وبين الأسر المكونة من شخص واحد؛ إذ تصل النسبة إلى 14.3% في المدن مقابل 8.7% في القرى.
ويوضح التقرير بعنوان “نفقات وممارسات شعائر عيد الأضحى” أن 56.4% من الأسر المكونة من شخص واحد اختاروا عدم ممارسة شعيرة الأضحية، مقارنة بـ 46.5% في سنة 2014، مما يشير إلى تطورات ديموغرافية وسوسيولوجية داخل المجتمع المغربي.
فيما يتعلق بالعلاقة بين ممارسة الشعيرة والوضع الاقتصادي، تكشف الدراسة أن نسب تخلّف الأسر عن إحياء هذه الشعيرة تنخفض عند الأسر الأقل يسراً، حيث لا تمارس 25.1% من الأسر الأكثر يسرا هذه الشعيرة مقابل 7.8% بين الأسر الأقل يسرا.
وتؤكد المندوبية أيضا أن التعليم يلعب دورا هاما في تحديد ممارسة هذه الشعيرة، إذ تنخفض نسبة عدم الممارسة من 20.1% بين أرباب الأسر الحاصلين على مستوى تعليمي عالٍ إلى 11.7% لدى الأسر التي لا تتوفر على أي مستوى تعليمي.
تُظهر هذه الأرقام التحديات التي تواجه الأسر المغربية في الحفاظ على التقاليد والممارسات الثقافية في سياق تغيرات اجتماعية واقتصادية متسارعة. وتسلط الضوء على الحاجة لفهم أعمق للأسباب الكامنة وراء هذه التغيرات، الأمر الذي قد يوفر بصيرة للجهات الفاعلة في السياسة الاجتماعية والاقتصادية لتلبية احتياجات الأسر ودعم الحفاظ على الممارسات الثقافية في المغرب.