في إطار جلسة عمل أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، قدّم والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عرضاً مفصلاً حول إصلاح نظام الصرف، مؤكداً أنه خيار استراتيجي وسيادي لا يشكل فقط توجهاً ظرفياً، بل يمثل ركيزة من ركائز السياسة الاقتصادية للمملكة.
الجواهري أوضح أن التحضير لهذا الإصلاح انطلق منذ سنة 2007، في إطار تنسيق محكم بين وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب، بهدف تهيئة المناخ الاقتصادي والمؤسساتي للانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة، يعكس واقع السوق ويستجيب لمتطلبات الانفتاح الاقتصادي.
وشدد على أن هذا التحول ليس مجرد إجراء تقني، بل هو خطوة حاسمة لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، من خلال دعم قدرة المقاولات على مواجهة المنافسة الدولية، وتيسير انسيابية المعاملات التجارية الخارجية، وخلق مناخ أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي. كما اعتبر أن النظام الجديد يكتسي أهمية خاصة في ما يتعلق بحماية القدرة الشرائية للمواطن، وذلك عبر آليات استباقية لضبط التوازنات المالية ومواجهة تقلبات السوق.
وأضاف الجواهري أن اعتماد نظام الصرف المرن تم بشكل تدريجي ووفق مقاربة قائمة على تقييم دقيق، مع استحضار تجارب دولية رائدة في المجال، بما يضمن ملاءمته مع خصوصيات النسيج الاقتصادي الوطني. وأكد أن هذا الإصلاح يندرج في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى تقوية مناعة الاقتصاد المغربي ضد الصدمات الخارجية، وتقليص هامش التبعية للضغوط المالية الدولية.
كما أبرز والي بنك المغرب أن صندوق النقد الدولي يواكب هذا الورش بشكل منتظم، ويعبّر عن ارتياحه لمستوى التنسيق بين المؤسسات المغربية المعنية، مشجعاً على المضي قدماً في تنزيل مراحل الإصلاح بعد استكمال الشروط الضرورية لذلك.
واعتبر أن الانتقال إلى هذا النظام يمثل خطوة نوعية في مسار تحديث السياسة النقدية الوطنية، في سياق يتسم بتحديات اقتصادية متسارعة، تتطلب مرونة أكبر وتفاعلاً أكثر نجاعة مع تطورات السوق الدولية.