قطع سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة مئات الكيلومترات من الرباط إلى الرشيدية ليوجه منها رسائله إلى مختلف الأطراف، داخل التنظيم الحزبي وحركة التوحيد والإصلاح وخارجه ولمن يعنيه الأمر بصفة عامة.
فلماذا تجشم العثماني أعباء السفر إلى الرشيدية ليشرف في الظاهر على نشاط حزبي. وليعبر في الباطن عن هواجس سياسية تشغل بال حزب العدالة والتنمية وطنيا وجهويا وإقليميا ؟
في السياسة غالبا ما تكون الرسائل مرموزة والعناوين مبهمة والعلاقة بين المرسل والمرسل إليه مموهة ومدلسة. لاسيما حين يكون المتحدث هو الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة والشخصية الثانية في الدولة.
ومما عقد المهمة تداخل ما هو تنظيمي داخلي بما هو مرتبط بعلاقة الحزب بمحيطه الخارجي. وعلى الرغم من أن لكل حقل خصائصه وطبيعته ولغته وأسلوبه. فإنه حدث هنا وهناك انزياح من الوضع التنظيمي إلى المؤثرات الخارجية والعكس كذلك.
رأب الصدع التنظيمي
ففي اجتماعاته بالأطر الحزبية والمناضلين التي أخذت قسطا وافرا من وقته بالرشيدية يرجح حسب ما توفر أن رأب الصدع التنظيمي كان العنوان البارز، فالحزب شهد خلافات بين مناضليه مست كل مناحي فعله وأنشطته وأثرت سلبا على إشعاعه المألوف، فوحدة الحزب وتماسكه تعرضا لخلخلة ظهرت للعيان في دورات بعض جماعاته كجماعة الرشيدية التي لم يعد يتوفر فيها النصاب رغم امتلاك الحزب للأغلبية المطلقة، وفي تباين المواقف والرؤى حول الموقف من سلطات الرقابة وكذا فيما شهدته الانتخابات الجزئية من عزوف مناضلين حزبيين عن دعم الحزب ومؤازرته في تلك المحطة التي تبوأ فيها ترتيبا مخيبا للآمال ومنبئا بكوارث في المستقبل، ومما زاد الطين بلة العقاب الجماعي للأسرة التعليمية لنقابة الحزب…
كل شيء موجه لمحيط الحزب الخارجي
أما في المهرجان الخطابي فكان كل شيء موجها لمحيط الحزب الخارجي. فركزت التدخلات على معزوفة “البلوكاج” والتنويه بالتجربة الحكومية والإشادة بمنتخبي الحزب. وفي طليعتهم رئيس الجهة ورئيس جماعة الرشيدية اللذين كرما في هذا النشاط الحزبي. لتكون الرسالة واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء. فسعد الدين العثماني بصفتيه الحزبية والحكومية يشير بالواضح إلى أن هذين المسؤولين اللذين تطال جماعتيهما ملفات قضائية هما خطان أحمران. والجدير بالذكر أن أحكاما صدرت في حق منتخبين، وأخرى في الطريق.
فهل يعد تكريم الشوباني والهناوي وحدهما دون غيرهما من المنتخبين والمسؤولين الحزبيين، رسالة تحمل ما تحمله من لغة الاشارات والرموز المعتمدة كثيرا في الحقل السياسي المغربي… وإذا كان التكريم يعد كذلك شكلا من أشكال الوداع وإعلانا بمعنى ما عن نهاية المسار السياسي في واجهته الانتخابية. فهل يمكن اعتبار ذلك اقتراحا لحل وسط؟ أم هو فقط تجديد للثقة ودعم يراد إعلانه على الملإ ورؤوس الأشهاد. استباقا وتوجيها للجنة الترشيحات الحزبية التي لم تعقد بعد بالرشيدية؟
في الحقيقة كان هذا التكريم هو اللغز في هذا النشاط العادي. الذي نطمته الكتابة الجهوية لشبيبة العدالة والتنمية مساء السبت 26 يونيو 20.