أشادت ورقة بحثية حديثة بالجهود التي يبذلها المغرب في تنفيذ وتمويل مبادرات مكافحة الإرهاب، مؤكدة على التزام المملكة بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأبرزت الدراسة أن النهج المغربي يجمع بين الصرامة الأمنية، والإصلاحات الدينية، والاستثمار في التنمية، مما جعله نموذجًا ناجحًا في التصدي للتطرف.
يأتي هذا التقدير في سياق دولي يشهد تنامي التحديات الأمنية، حيث أثبت المغرب فاعليته في تفكيك الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ عملياتها، بفضل مقاربة استباقية تعتمد على عمل استخباراتي مكثف وتنسيق وثيق بين الأجهزة الأمنية. وقد ساهم المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ) في كشف وإحباط مخططات إرهابية عدة، ما عزز مكانة المملكة كقوة إقليمية موثوقة في مجال مكافحة الإرهاب.
إلى جانب الجهود الأمنية، أولى المغرب أهمية كبرى لمكافحة التطرف عبر إصلاح الحقل الديني. فقد عمل على تكوين الأئمة في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، مع التركيز على نشر خطاب ديني وسطي ينبذ العنف ويعزز قيم التعايش. كما عززت المملكة تعاونها مع دول إفريقية وأوروبية لتقديم الدعم في مجال التكوين الديني، مما جعل تجربتها مرجعًا في هذا المجال.
الورقة البحثية سلطت الضوء أيضًا على دور المغرب في تمويل وتنفيذ برامج تنموية تهدف إلى معالجة الأسباب العميقة التي تغذي الإرهاب، مثل الفقر والتهميش. فالمملكة تدرك أن الأمن لا يتحقق فقط عبر القوة، بل يحتاج إلى سياسات اجتماعية واقتصادية تضمن إدماج الفئات الهشة وتحصين الشباب من السقوط في براثن التطرف.
على المستوى الدولي، يحظى المغرب بمكانة رفيعة كشريك موثوق في الحرب على الإرهاب، إذ يشارك في المنتديات الدولية مثل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF) ويتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود الأمنية.
نجاح المقاربة المغربية يتجلى في الاستقرار الذي تتمتع به المملكة مقارنة بدول الجوار، حيث لم تشهد هجمات إرهابية كبرى منذ سنوات، في وقت لا تزال فيه العديد من الدول تكافح للقضاء على التهديدات الإرهابية. ومع استمرار التحديات الأمنية في العالم، تبرز التجربة المغربية كنموذج متوازن يجمع بين الحزم الأمني والاستثمار في بناء مجتمعات أكثر أمانًا وازدهارًا.