مع تجدد الجفاف للعام السادس على التوالي، ُيطرح من جديد النقاش حول فاعلية السياسة الزراعية المعتمدة في المغرب منذ 15 عاماً. والتي تستهدف بالأساس رفع الصادرات من خضروات وفواكه والتي تستهلك كميات كبيرة من المياه. حيث تقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنوياً. 87 في المئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنوياً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
وفي السياق، يراهن المغرب على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز، ويخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027. بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنوياً. فيما تتوافر حالياً 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179.3 مليون متر مكعب سنوياً، وفق معطيات رسمية.
و في ظل الجفاف العنيف والقلق المتنامي من أخطار شح مياه الشرب، أغلقت السلطات الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في بعض المدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب. إلا أن هذه الإجراءات لرامية لضمان المياه لا تغير شيئاً من “الخطر الذي يهدد” مردود الموسم الزراعي الحالي. إذ إن الزراعة تستهلك حصة الأسد من موارد البلاد المائية.
وبحسب معطيات رسمية فقد شهد المغرب تراجعاً في تساقط الأمطار بـ57 في المئة مقارنة مع متوسط سنة عادية. حيث أن ضواحي مدينة برشيد غرب البلاد، تبدو مساحات شاسعة من الحقول عارية، بعدما كانت تغطيها عادة في هذه الفترة من العام سنابل حبوب تناهز 60 سنتيمتراً.
وتعتبر هذه المساحات الشاسعة أحد أهم مصادر الحبوب في البلاد. حيت ترتوي 88 في المئة من مزارع هذه المنطقة الممتدة على 155 ألف هكتار بالأمطار مباشرة.
وخلف الجفاف الإستثنائي والعنيف، وفق ما أعلن وزير الزراعة محمد صديقي مؤخرا تراجعا ملحوظا في المساحات المزروعة. بسبب سقيها بمياه السدود.
وأضاف ان المغرب شهد في يناير الماضي تراجعاً في تساقط الأمطار بـ57 في المئة مقارنة مع متوسط سنة عادية. وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود. في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1.8 في المئة، مقارنة مع متوسط الفترة بين عامي 1981 و2010.
حتى الثامن من فبراير الجاري، لم تتجاوز نسبة ملء السدود 23 في المئة. في مقابل 32 في المئة للفترة نفسها من العام الماضي. الأمر الذي “سيكون له أثر وخيم على الاقتصاد” كون القطاع الزراعي يوظف نحو ثلث العاملين في المغرب. ويسهم بـ14 في المئة من الصادرات.
وبات معظم المزارعين مضطرين بسبب الجفاف إلى اللجوء للمياه الجوفية لسقي نحو 85 في المئة من مزرعتهم. بينما كانت تكميلية فقط في السنوات الماطرة.
ووجب على الحكومة مراجعة السياسة الزراعية في العمق. من أجل مواجهة هذه المعضلة لكون الحكومة تسير في اتجاه مخالف للواقع.